ثانيتهما ساكنة، فقلبت ألفاَ لانفتاح ما قبلها، فصار " آت " على وزن
أَفع.
قوله: " الوسيلة " نَصبٌ على المفعولية؛ وقد مر تفسيرها عن قريبٍ أنها
منزلة في الجنة، وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل: هو القرب من
الله تعالى. " والفضيلة " والفضل خلاف النقيصة والنقص؛ والمعنى:
أعطه الكاملَ من كل شيء.
قوله: " مقاماً محموداً الذي وعدته " يعني: المقام المحمود الذي يحمدُه
القائم فيه وكل من رآه وعرفه؛ وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من
أنواع الكرامات، وقيل: المرادُ: الشفاعة؛ وهي نوعٌ مما يتناوله. وعن
ابن عباس: مقاماًَ يحمدك فيه الأولون والآخرون، وتشرف فيه على جميع
الخلائق تسأل (?) فتُعطَى، وتشفَعُ فتُشَفّعُ، ليس أحد إلا تحت لوائك.
وعن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام-: " هو المقام الذي أشفع
فيه لأمتي " (?) .
فإن قيل: المقام المحمود قد وعده ربه إياه والله لا يخلف الميعاد، فما
الفائدة في دعاء الأمة بذلك؟ قلت: الدعاء إما للثبات والدوام، وإما
للإشارة إلى جواز دعاء الشخص لغيره، والاستعانة بدعائه في حوائجه،
ولا سيما من الصالحين.
قوله: " الذي وعدته " بدل من قوله: " مقاماً محموداً " أو منصوب
باعِني، أو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وأراد حكاية لفظ القرآن
في قوله: (عَسَى أن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحمُوداً) (?) .