فالتأييد حاصل في قوليه معا فأين القول الأول له فيها أنها لا تحرم عليه للأبد نعم هو قول له في غير المدونة وظاهر كلامه ولو كانت العدة من طلاق رجعي لأنه يصدق عليه أنه نكاح في عدة وهو كذلك عند غير ابن القاسم في المدونة.
وقال ابن القاسم: لا تحرم عليه كالمتزوج في العدة ألا ترى أن أحكام الزوجية بينهما فاقية من الميراث وغيره، وقال ابن رشد: ويحتمل أن يتخرج قول ثالث وهو إن راجعها زوجها لم يكن هذا متزوجا في العدة من قول ابن بشير في النصرانية تسلم تحت النصراني، فتتزوج في العدة أنه إن لم يسلم زوجها حتى انقضت العدة كان نكاحها فيها تزويجها في العدة، وإن أسلم لم يكن نكاحها فيها.
قلت: وإنما قال يحتمل لأنه يفرق بينهما لأن إسلامه كشف دوام عصمته دون طلاق قاله بعض شيوخنا وظاهر كلامه أن القبلة والمباشرة لا تحرم بهما، وهو نحو ما في كتاب ابن المواز يؤمر بالتحريم ولا يقضى عليه واستحسنه أشهب لأنه لم يوجب لبسا في لحوق النسب. وفي المدونة هما كالوطء فتحرم، نص على ذلك في كتاب العدة في آخر فصل المفقود فاعلم ذلك.
واختلف إذا وطئها في الاستبراء على أربعة أقوال: فقيل تحرم وقيل لا ووقع لابن القاسم أنها تحرم إن كانت حاملا ولا تحرم في غيره قال ابن رشد ولو عكس لكان أصوب لأن فيه إذا وطئ غير الحامل اختلاط الأنساب.
(ولا نكاح لعبد ولا أمة إلا بإذن السيد):
ما ذكر هو كذلك باتفاق لأن تزويج العبد يعيبه ولذلك لو طلب العبد من سيده أن يزوجه وامتنع من ذلك فإنه لا يجبر قال ابن عبد السلام: وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يقصد الضرر، فإن قصده أمر بالتزويج أو البيع، وقد اختلف المذهب هل يجب على الولد أن يزوج أباه إذا طلبه أم لا؟ وسبب الخلاف هل يلحق النكاح بالأقوات أم لا؟ وللشافعية في المسألة تفصيل ونص بعض المتأخرين منهم على الوجوب حتى قال في الحيوان البهيمي يجب إرسال الذكور على الإناث زمان الضراب وللسيد أن يجبره على النكاح إذا أباه منه ما لم يقصد الضرر ولا يختلف فيه كما اختلف في الوصي هل يجير محجوره أم لا؟ لأن المحجور هناك إذا أكره على النكاح وطلق أتلف مال نفسه وإذا طلق العبد هنا أتلف مال سيده الذي أجبره لأن مال العبد لسيدة قاله ابن عبد السلام أيضا.