ظاهر كلام الشيخ أن أمهات النساء يحرمن سواء دخل بالبنت أم لا وسواء طلق البنت أو ماتت وهو كذلك باتفاق المذهب، وحكي عن على بن أبي طالب رضي الله عنه، وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير وجابر وإحدى الروايتين عن ابن عباس أنها لا تحرم إلا بدخول البنت وحكي عن زيد أنه إن طلق البنت لم تحرم وفي الموت تحرم، ومذهبنا أن الربيبة تحرم على من دخل بأمها وإن لم تكن في حجره، وحكي عن علي أنه طلق البنت لم تحرم وركن إليه ابن عبد السلام بقوله هو ظاهر الآية لأنها مقيدة بوصفين:
أحدهما: كون الأم مدخولا بها.
والثاني: كون البنت في حجره والحكم المعلل بعلة مركبة لا يثبت إلا بعد حصول جميع أجزائها ويقوي اعتبار هذا القيد ما وقع في الصحيح وقد عرض على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نكاح ربيبته بنت أم سلمة، فقال: "لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثوبية" فانظر كيف ذكر هذا الوصف كما هو مذكور في الآية، ولو كان ملغي لما تكرر ذكره في الكتاب والسنة والله أعلم.
والمشهور أن أمة الابن لا تحرم على الأب حتى يطأها الابن أو يتلذذ بها، وقال الشافعي تحرم عليه ومثله لابن حبيب حسبما نذكره إن شاء الله تعالى بعد، وسبب الخلاف هل يصدق عليها بالملك أنها حليلة أم لا يصدق عليها إلا بعد الاستمتاع.
(ونهى أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها فمن نكح امرأة حرمت بالعقد دون أن تمس على أبائه وأبنائه وحرمت عليه أمهاتها ولا تحرم عليه بناتها حتى يدخل بالأم):
ما ذكر الشيخ صحيح وقاس عليه أصحابنا وغيرهما وضابطه ما قاله بعض المتقدمين كل امرأتين يمنع نكاحهما لو كانت إحداهما ذكرا وانتقض عليه بصورتين وهما الجمع بين المرأة وأم زوجها والمرأة مع ابنة زوجها فإنه جائز فزيد في الحد المذكور من القرابة فيتخرج بذلك الصورتان فإنهما أجنبيتان وقيل ضابطه كل امرأتين بينهما من القرابة والرضاع ما يمنع نكاحهما أن لو كانت إحداهما ذكرا فإن جمع بينهما في عقد فسخ فيهما ولا مهر إن لم بين ولمن بنى منهما مهرها.
قال الشيخ أبو الطاهر: هذا مع عدم العلم بالتحريم وأما مع العلم به ففي كونه كمحض زنا في هذا الأصل قولان ويجري عليهما نفي الصداق وثبوته، وأما إذا كان