الثالث: أن وجود فيه بالقرآن أو السنة ينفي القول بجوازه. (وتقع به الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح ولكن لا تحل به المطلقة ثلاثا ولا يحصن به الزوجان):
اعلم أن النكاح المختلف في صحته وفساده بين أهل العلم والمذهب قائل بفساده فإنه يعتبر عقدة في التحريم كما يعتبر العقد الصحيح المتفق عليه احتياطا فتحرم به على الآباء والأبناء وتحرم أمهات النساء، وكذلك يعتبر وطؤه من باب أحرى فتحرم الربيبة.
ثم اعلم أنه اختلف المذهب هل يراعي كل خلاف أولا يراعى إلا الخلاف المشهور، وعلى الثاني فقيل هو ما كثر قائله وقيل ما قوي دليله.
قال ابن عبد السلام: والذي ينبغي أن يعقد من ذلك، وهو الذي تدل عليه مسائل المذهب أن الإمام رحمه الله تعالى – يعني به مالكا- إنما يراعي من الخلاف ما قوي دليله فإذا تحقق فليس بمراعاة الخلاف البتة وإنما هو إعطاء كل واحد من الدليلين ما يقتضيه من الحكم مع وجود المعارض والله أعلم.
وقد أجاز رحمه الله تعالى الصلاة على جلود السباع إذا ذكيت وأكثرهم على خلافه وأباح بيع ما ليس فيه حق توفيه من غير الطعام قبل قبضه وأجاز أكل الصيد إذا أكل منه الكلب إلى غير ذلك من المسائل ولم يراع في ذلك خلاف الجمهور وهذا مما يدل على أن المراعي عنده إنما هو الدليل لا كثرة القاتل والله أعلم.
وأما كل نكاح مجمع على فساده فإن كان مما يدرأ الحد فيه فإن وطأه معتبرا ولا يعتبر العقد على المشهور، وقيل: ويعتبر قاله ابن القاسم في المدونة.
وقال ابن عبد السلام وهو قول ابن الماجشون، واعترضه بعض شيوخنا بأنه خلاف ما نقل الباجي عنه في قوله ما حرم بالكتاب أو بالسنة كخامسة أو معتدة أو المرأة على أختها أو خالتها لغو وإن كان مما لا يدرأ حده فعكس ما قبله لا يعتبر عقده باتفاق وفي الوطء قولان وهما كالخلاف في الزنى هل يحرم الحلال أم لا؟
(وحرم الله سبحانه من النساء سبعا بالقرابة وسبعا بالرضاع والصهر فقال تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} [النساء: 23]
فهؤلاء من القرابة):