وقد يمنع من تقديمه أسباب، كما قد يمنع من تأخيره أسباب.

أما أسباب منع التقديم فمنها:

أن يكون المبتدأ والخبر معرفتين أو نكرتين، وليس معهما قرينة تبين المخبر عنه من المخبر به، كقولك: زيد صديقك، وأفضل منك أفضل مني.

فلو قلت: صديقك زيد، وأفضل مني أفضل منك كان المقدم هو المبتدأ، بخلاف نحو: أبو يوسف أبو حنيفة، فإنك لو قلت فيه: أبو حنيفة أبو يوسف كان أبو حنيفة خبرًا مقدمًا، لأنه قد علم أن المراد تشبيه أبي يوسف بأبي حنيفة، وأن المعنى: أبو يوسف مثل أبي حنيفة، قال الشاعر: [من الطويل]

69 - بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد

المعنى: بنو أبنائنا مثل بنينا، فقدم الخبر، وحذف المضاف.

ومنها أن يكون الخبر فعلا، بشرط كون المبتدأ مفردًا، والفعل مسندًا إلى ضميره نحو: زيد قام، وهند خرجت، فهذا النوع لا يجوز فيه تقديم الخبر، لعدم القرينة الدالة على إرادته، فإنك لو قلت قام زيد، وخرجت هند كان من باب الفعل والفاعل، لأن اعتباره أقرب.

[46] ولو كان المبتدأ // مثنى أو مجموعًا، كما في نحو: أخواك قاما، وإخوتك قاموا، جاز تأخيره، نحو: قاما أخواك، وقاموا إخوتك، لأن إسناد الفعل إلى ألف الضمير، أو واوه أمارة على الإخبار بالجملة عن الاسم بعدها.

وكذا لو كان المبتدأ مفردًا، والفعل مسندًا إلى غير ضميره، نحو: زيد قام أبوه فإنه يجوز تأخيره، نحو: قام أبوه زيد.

ومنها قصد بيان انحصار الخبر، أعني انحصار جملة ما للمبتدأ من الأخبار التي يصح فيها النزاع فيما ذكر، كما إذا لت: إنما زيد شاعر، في الرد على من يعتقد أنه كاتب وشاعر، أو كاتب لا شاعر، وقد يستفاد الحصر بإنما، كما قد ذكرنا، وقد يستفاد بـ (إلا) بعد النفي، نحو: ما زيد إلا شاعر، فالخبر المحصور بإنما يجب تأخيره لأن تقديمه يوهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015