وقد اندفع بهذا التقدير من الإضمار توهم أن يكون الإيمان مفعولا معه. فإن قلت: ولم دفع هذا التوهم؟ قلت: لأنه لا فائدة في تقييد الذين يحبون من هاجر إليهم بمصاحبه الإيمان، بخلاف تقييدهم بألف الإيمان. ومثل الآية الكريمة في الاستشهاد قول الشاعر: [من الطويل]

515 - تراه كأن الله يجدع أنفه ... وعينيه إن مولاه ثاب له وفر

تقديره: يجدع أنفه ويفقأ عينيه. وكذا قول الآخر: [من الوافر]

516 - إذا ما الغانيات برزن يومًا ... وزججن الحواجب والعيونا

أراد: زججن الحواجب وكحلن العيون.

ومما ينبغي أن يعد من هذا القبيل قوله تعالى: (اسكن أنت وزوجك الجنة) [البقرة /35] لأن فعل أمر المخاطب لا يعمل في الظاهر، فهو على معنى: اسكن أنت، ولتسكن زوجك الجنة.

563 - وحذف متبوع بدا هنا استبح ... وعطفك الفعل على الفعل يصح

564 - واعطف على اسمٍ شبه فعل فعلا ... وعكسًا استعمل تجده سهلا

يعني: أنه يستباح حذف المتبوع في باب العطف، لأن التابع مع العاطف يدل عليه. مثال ذلك قولهم: (وبك وأهلا [و] سهلا) لمن قال: مرحبًا وأهلا، فحذف (مرحبًا) وعطف عليه أهلا وسهلا.

ومنه قوله تعالى: (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به) [آل عمران /91] المعنى، والله أعلم: لو ملكه، ولو افتدى به، وقوله تعالى: (ولتصنع على عيني) [طه /39] أي: لترحم ولتصنع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015