أحدهما: ما يبين إبهام ما قبله: من اسم مجمل الحقيقة، وهو ما دل على مقدار، أو شبهه.

فالدال على مقدار: ما دل على مساحة نحو: ما له شبر أرضًا، وما في السماء قدر راحةٍ سحابًا، أو وزن، نحو: له منوان عسلا، ورطل سمنًا، أو كيل، نحو: له قفيزان برا، ومكوكان دقيقًا، أو عدد، نحو: (أحد عشر كوكبًا) [يوسف /4]، و (أربعين ليلةً) [الأعراف /142].

وأما الدال على شبه المقدار فنحو قوله تعالى: (مثقال ذرةٍ خيرًا) [الزلزلة /7] وذنوب ماءً وحب برا وراقود خلا وخاتم حديدًا وباب ساجًا ولنا أمثال إبلا، وغيرها شاءً.

والنوع الثاني: ما يبين إجمالا في نسبة العامل إلى فاعله، أو مفعوله، نحو: طاب زيد نفسًا، وقوله تعالى: (وفجرنا الأرض عيونًا) [القمر /12]، فإن نسبة (طاب) إلى (زيد) مجملة، تحتمل وجوهًا، و (نفسًا) مبين لإجمالها، ونسبة (فجرنا) إلى الأرض مجملة أيضًا و (عيونًا) مبين لذلك الإجمال.

ومثل ذلك: تصبب زيد عرقًا، وتفقأ الكبش شحما، وقوله تعالى: (واشتعل الرأس شيبًا) [مريم /4] و (هم أحسن أثاثًا) [مريم /74] و (سرعان ذا إهالةً). ومثله أيضًا ويحه رجلا، وحسبك به فارسًا، ولله دره إنسانًا، لأنه في معنى ذي النسبة المجملة، فكأنه قيل: ضعف رجلا، وكفاك فارسًا، وعظم إنسانًا.

واعلم أن تمييز المفرد إن بين العدد فهو واجب الجر بالإضافة، أو واجب النصب على التمييز، كما سنذكره في بابه.

وإن بين غير العدد فحقه النصب، ويجوز جره بإضافة المميز إليه، إلا أن يكون مضافًا إلى غيره، مما لا يصح حذفه، فيقال: ما له شبر أرضٍ، وله منوا سمنٍ، وقفيزا بر، وذنوب ماءٍ، وراقود خل، وخاتم حديدٍ.

ويقال في نحو: هو أحسن الناس رجلا، هو أحسن رجل، لأن حذف المضاف إليه غير ممتنع.

فلو كان المميز مضافًا إلى ما لا يصح حذفه تعين نصب المميز، وذلك نحو: ما فيها قدر راحةٍ سحابًا، وله جمام المكوك دقيقًا، وكقوله تعالى: (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا) [آل عمران /91]. وقد نبه على هذا بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015