وأما الاستثناء المنقطع: فهو الإخراج بـ (إلا، أو غير، أو بيد) لما دخل في حكم دلالة المفهوم.

(فالإخراج) جنس، وقولي بـ (إلا، أو غير، أو بيد): مدخل لنحو: ما فيها إنسان إلا وتدًا، وما عندي أحد غير فرس، ولنحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش، واسترضعت في بني سعد) ومخرج للاستدراك بـ (لكن) نحو قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله) [الأحزاب /40].

فإن إخراج لما دخل في حكم دلالة المفهوم، ولا يسمى في اصطلاح النحويين استثناء، بل يختص باسم الاستدراك.

وقولي (لما دخل): تعميم لاستثناء المفرد، والجملة، كما سيأتي إن شاء الله وقولي (في حكم دلالة المفهوم) مخرج لاستثناء المتصل، فإن إخراج لما دخل في حكم دلالة المنطوق.

والاستثناء المنقطع أكثر ما يأتي مستثناه مفردًا، وقد يأتي جملة.

فمن أمثلة المستثنى المنقطع الآتي مفردًا قوله عز وجل: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) [النساء /22]، فـ (ما قد سلف) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) من المؤاخذة على نكاح ما نكح الآباء، كأنه قيل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، فالناكح ما نكح أبوه مؤاخذ بفعله، إلا ما قد سلف.

ومنها قوله تعالى: (ما لهم به من علم إلا إتباع الظن) [النساء /157] (فإتباع الظن) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (ما لهم به من علم) من نفي الأعم من العلم والظن، فإن الظن يستحضر بذكر العالم، لكثرة قيامه مقامه، وكأنه قيل: ما يأخذون بشيء إلا إتباع الظن.

ومنها قوله تعالى: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) [هود /43]. على إرادة لا من يعصم من أمر الله إلا من رحمة الله، وهو أظهر الوجوه.

(فمن رحم) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (لا عاصم) من نفي المعصوم، كأنه قيل: لا عاصم اليوم من أمر الله لأحد، إلا من رحم الله، أو لا معصوم عاصم من أمر الله إلا من رحم الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015