عوف فقال: ألا تسمع هذا الصوت ما أرقّه وأشجاه، قاتل الله أبا كبير [1] الهذلي حيث يقول:
ألا يا حمام الأيك فرخك [2] حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح [3]
فقال عوف: أيها الأمير أحسن والله أبو كبير [4] وأجاد، إنه كان في هذيل أربعون شاعرا من المحسنين دون المتوسطين، وكان أبو كبير [4] من أشعرهم، وأشهرهم، وأذكرهم، وأقدرهم.
قال عبد الله: أقسمت عليك إلا أجزت له هذا البيت، فقال: أصلح الله الأمير، شيخ مسنّ وأحمل على [5] البديهة وعلى معارضة مثل أبي كبير [6] وهو من قد علمت! فقال: سألتك بحق طاهر إلّا أجزته، فقال:
أفي كلّ عام غربة ونزوح ... أما للنّوى من ونية فيريح
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي ... فهل أرينّ البين وهو طليح [7]
وأرّقني بالرّيّ شجو [8] حمامة ... فنحت وذو الشوق المشتّ [9] ينوح
على أنها ناحت ولم تذر عبرة [10] ... ونحت وأسراب الدموع سفوح