فسأل عنها، فوجدها عند قاضي البلد، فأتاه، ثم سأله أن يعرضها عليه، فقال:
يا عبد الله لقد أبعدت الشّقّة [1] في طلب هذه الجارية، فما رغبتك فيها؟ لما رأى من شدة إعجابه [بها] [2] قال: إنها تغنّي فتجيد، فقال القاضي:
ما علمت بهذا، فألح عليه في عرضها، فعرضت [3] بحضرة مولاها القاضي، فقال لها الفتى: هات، فتغنّت [4] :
إلى خالد حتّى أنخن [5] بخالد ... فنعم الفتى يرجى ونعم المؤمّل
ففرح القاضي بجاريته وسرّ بها [6] ، وغشيه من الطرب أمر عظيم حتّى أقعدها على فخذه وقال: هات بأبي أنت وأمي شيئا، فتغنّت [7] :
أروح إلى القصّاص كلّ عشيّة ... أرجّي ثواب الله في عدد الخطا
فزاد الطرب على القاضي، ولم يدر ما يصنع، فأخذ نعله فعلّقها في أذنه وجثا على ركبتيه، وجعل يأخذ بإحدى أذنيه [8] والنعل معلّق فيها ويقول: أهدوني [إلى البيت الحرام] [9] فإني بدنة، فلما أمسكت قال للفتى: يا حبيبي، انصرف، فقد كنا فيها راغبين قبل أن نعلم أنها تقول، ونحن الآن فيها أرغب، فانصرف الفتى، وبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز فقال: