هبة الله بن السّديد المصري [1] وكيل السلطان. أسلم كهلا في أيام الجاشنكير، وكان كاتبه، وتمكّن من السلطان غاية التمكن، بحيث صار الكلّ إليه، وبيده العقد والحلّ، وبلغ من الرّتبة ما لا مزيد عليه، وجمع أموالا عظيمة عاد أكثرها إلى السلطان، وكان حسن الخلق، عاقلا، خيّرا، سمحا، داهية، وقورا، مرض نوبة فزيّنت مصر لعافيته، وكان يعظّم الدّيّنين، وله برّ وإيثار، عمر البيارات، وأصلح الطّرق، وعمر جامع القبيبات [2] وجامع القابون، وأوقف عليهما الأوقاف، ثم انحرف عليه السلطان ونكبه، فنفي إلى الشّويكة [3] ثم إلى القدس، ثم إلى أسوان، فأصبح مشنوقا بعمامته، ولما أحس بالقتل صلّى ركعتين، وقال: هاتوا [ما عندكم] [4] ، عشنا سعداء، ومتنا شهداء، أعطاني السلطان الدّنيا والآخرة، وشنق وقد قارب السّبعين.
وفيها الحافظ الزّاهد علاء الدّين علي بن إبراهيم بن دواد بن سلمان بن سليمان أبو الحسن بن العطّار الشافعي [5] ، ويلقب بمختصر النّووي. سمع من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وغيرهما.
ولد يوم عيد الفطر سنة أربع وخمسين وستمائة، وتفقّه على الشيخ محيي الدّين النّووي، وأخذ العربية عن جمال الدّين بن مالك، وولي مشيخة دار الحديث النّورية وغيرها، ومرض بالفالج أزيد من عشرين سنة، وكان يحمل في محفّة، وكتب الكثير وحمله، ودرّس، وأفتى، وصنّف أشياء مفيدة.
قال الذهبي: خرّجت له «معجما» في مجلد انتفعت به، وأحسن إليّ باستجازته لي كبار المشيخة، وله فضائل وتألّه وأتباع.