ولد سنة خمسين وخمسمائة، وروى عن الوزير الفلكي وجماعة، وكان فقيها إماما طويل الباع في الإنشاء والبلاغة، فصيحا، مفوّها، كامل السؤدد.
قال ابن خلّكان: كان ذا فضائل عديدة، من الفقه والأدب وغيرهما، وله النظم المليح والخطب والرسائل، وتولى القضاء بدمشق، وكذلك أبوه زكي الدّين، وجده مجد الدّين، وجد أبيه زكي الدّين، وهو أول من ولي من بيتهم، وولده زكي الدّين أبو العبّاس الطّاهر، ومحيي الدّين أبو الفضل يحيى، كانوا قضاتها، وكانت له عند السلطان صلاح الدّين المنزلة العالية، ولما فتح السلطان المذكور حلب ثامن صفر سنة تسع وسبعين وخمسمائة أنشده القاضي محيي الدّين قصيدة بائية من جملة أبياتها:
وفتحك القلعة الشهباء في صفر ... مبشّر بفتوح القدس في رجب
فكان كما قال، فإن القدس فتحت لثلاث بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة [1] ، فقيل لمحيي الدّين: من أين لك هذا؟ قال: أخذته من تفسير ابن برّجان [2] في قوله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 1- 4 [الرّوم: 1- 4] وذكر له حسابا طويلا وطريقا في استخراج ذلك، وخطبته يوم فتح القدس [3] من أبلغ الخطب وأشهرها، فلا نطوّل بذكرها [4] ، وتوفي في سابع شعبان (13/ 32- 33) و «النجوم الزاهرة» (6/ 181- 182) .