وفيها ابن المقدّم الأمير الكبير شمس الدّين محمد بن عبد الملك [1] كان من أعيان أمراء الدولتين، وهو الذي سلّم سنجار إلى نور الدّين ثم تملّك بعلبك، وعصى على صلاح الدّين مدة، فحاصره ثم صالحه، وناب له بدمشق، وكان بطلا شجاعا محتشما عاقلا، شهد في هذا العام الفتوحات.
وحجّ فلما حلّ بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدّين وضرب الكوسات، فأنكر عليه أمير ركب العراق [2] طاشتكين، فلم يلتفت [إليه] ، وركب في طلبه، وركب طاشتكين، فالتقوا، وقتل جماعة من الفريقين، وأصاب ابن المقدّم سهم في عينه فخرّ صريعا، وأخذ طاشتكين ابن المقدّم فمات من الغد بمنى [3] ، وهو باني المدرسة المقدّمية، والتربة والخان داخل باب الفراديس.
وفيها مخلوف بن علي بن جارة أبو القاسم المغربي ثم الإسكندراني [4] المالكي، أحد الأئمة الكبار، تفقّه به أهل الثغر زمانا.
وفيها أبو السعادات القزّاز نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد الشيباني الحريمي [5] مسند بغداد. سمع جدّه أبا غالب القزّاز، وأبا القاسم الرّبعي، وطائفة، وتوفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها أبو بكر محمد بن نصر الخرقي القاشاني، الحافظ الثقة،