فأحضرهم وعقد لهم مجلسا حافلا، فواجهه ابن تومرت بالحقّ المحض ولم يحابه [1] ، ووبّخه ببيع الخمر جهارا وبمشي الخنازير التي للفرنج بين أظهر المسلمين، وبنحو ذلك من الذنوب، وخاطبه بكيفية ووعظ، فذرفت عينا الملك وأطرق، فقويت التهمة عند ابن وهيب وأشباهه من العقلاء، وفهموا مرام ابن تومرت. فقيل للملك: إن لم تسجنهم وتنفق عليهم كل يوم دينارا وإلّا أنفقت عليهم خزائنك [2] ، فهوّن الوزير أمرهم لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كانَ مَفْعُولًا 8: 42 [الأنفال: 42] . فصرفه الملك وطلب منه الدعاء، واشتهر اسمه وتطلعت النفوس إليه، وسار إلى أغمات، وانقطع بجبل تينملّ [3] ، وتسارع إليه أهل الجبل يتبرّكون به. فأخذ يستميل الشباب الأغتام [4] والجهلة الشجعان، ويلقي إليهم ما في نفسه، وطالت مدته، وأصحابه يكثرون، وهو يأخذهم بالديانة والتقوى، ويحضهم على الجهاد وبذل النفوس في الحق، وورد أنه كان حاذقا في ضرب الرّمل، قد وقع بجعفر فيما قيل، واتفق لعبد المؤمن أنّه كان قد رأى أنه يأكل في صحفة مع ابن تاشفين ثم اختطف [5] الصحفة منه، فقال له المعبّر: هذه الرؤيا لا ينبغي أن تكون لك،