الملوك ما كان، أوى إلى إشبيلية أوحش حالا من الليل وأعثر [1] انفرادا من سهيل، وتبلّغ بالوراقة، وله منها جانب، وبها بصر ثاقب، فانتحلها على كساد سوقها، وخلو [2] طريقها، وفيها يقول:
أمّا الوارقة فهي أنكد [3] حرفة ... أوراقها وثمارها الحرمان
شبّهت صاحبها بصاحب إبرة ... تكسو العراة وجسمها عريان
وله أيضا:
ومعذّر راقت [4] حواشي حسنه ... فقلوبنا وجدا عليه رقاق
لم يكس عارضة السواد وإنما ... نفضت عليه سوادها الأحداق
وله في غلام أزرق العينين:
ومهفهف أبصرت في أطواقه [5] ... قمرا بأطراف [6] المحاسن يشرق
تقضي على المهجات منه صعدة ... متألّق فيها سنان أزرق
وأورد له صاحب [كتاب] «الحديقة» :
أسنى ليالي الدّهر عندي ليلة ... لم أخل فيها الكأس من أعمالي
فرّقت فيها بين جفني والكرى ... وجمعت بين القرط والخلخال
وله في الزهد:
يا من يصيخ إلى داعي السّفاه [7] وقد ... نادى به النّاعيان: الشّيب والكبر