وكان بينه وبين ابن مكرم مداعبات فسمع ابن مكرم رجلا يقول: من ذهب بصره قلّت حيلته، فقال: ما أغفلك عن أبي العيناء! ذهب بصره فعظمت حيلته.
وقد ألمّ أبو علي البصير بهذا المعنى، يشير به إلى أبي العيناء:
قد كنت خفت يد الزّما ... ن عليك إذ ذهب البصر
لم أدر أنّك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر [1]
وقال له ابن مكرم يوما يعرّض به: كم عدد المكدّين بالبصرة؟ فقال:
مثل عدد البغائين ببغداد.
وروي عنه أنه قال: كنت عند أبي الحكم إذ أتاه رجل فقال له:
وعدتني وعدا، فإن رأيت أن تنجزه، فقال: ما أذكره، فقال: إن لم تذكره فلأن من تعده مثلي كثير، وأنا لا أنساه، لأن من أسأله مثلك قليل، فقال:
أحسنت، لله أبوك، وقضى حاجته.
وكان جدّه الأكبر لقي علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فأعياه [في] المخاطبة معه، فدعا عليه بالعمى له ولولده، فكلّ من عمي من ولد جدّ أبي العيناء فهو صحيح النسب فيهم، هكذا قاله أبو سعد الطلحي [2] وخرج من البصرة وهو بصير، وقدم سرّ من رأى، فاعتلت عيناه، فعمي [وسكن بغداد مدة] [3] وعاد إلى البصرة ومات بها. انتهى ما أورده ابن خلّكان مخلصا [4] .