وقال ابن خلكان: أبو الصلت أقام تحت كنف الأمير يحيى بعد أن جاب الأرض وتقاذفت به البلدان وله فيه مدائح كثيرة أجاد فيها وأحسن وله أيضاً مدائح في ولده أبي الحسن علي وولد ولده الحسن وأخذ عن جماعة من أهل الاْندلس وغيرها منهم أبو الوليد الوقشي قاضي دانية وسابق فضلاء زمانه وأهل عصره وأوانه يقال: إن عمره ستون عاماً عشرون بإشبيلية وعشرون بإفريقية عند أمرائها الصنهاجيين وعشرون في مصر محبوساً في خزائن الكتب فخرج في فنون من العلم إماماً وأمتن علومه الفلسفة والطب والتلحين وله في ذلك وغيره تآليف تشهد بفضل منها كتاب الحديقة على أسلوب يتيمة الدهر للثعالبي وكتاب ذيل به كتاب الرقيق فيما وقع في دولة باديس وأبيه وجده وكان له شعر جيد رقيق جمعه في ديوان خاص وصنف وهو في اعتقال الأفضل وهو بمصر رسالة العمل بالأسطرلاب وكتاب الوجيز في علم الهيئة وكتاب الأدوية المفردة وكتاب تقويم الذهن في المنطق وكتاب الانتصار في الرد على ابن رضوان في رده على حنين بن إسحاق في مسائله وله الرسالة المشهورة التي وصف بها مصر وعجائبها وله غير ذلك وكانت له منزلة جليلة بالمهدية على صاحبها علي بن يحيى بن تميم وولد له بها ولده عبد العزيز وكان شاعراً ماهراً وله في الشطرنج يد بيضاء وتوفي ببجاية سنة 546 هـ وتوفي أبو الصلت سنة تسع أو ثمان وعشرين وخمسمائة ونظم أبباتاً أوصى أن تكتب على قبره:

سكنتكِ يادار الفناء مصدقا ... بأني إلى دار البقاء أصير

وأعظم ما في الأمر أني صائر ... إلى عادل في الحكم ليس بجور

فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها ... وزادي قليل والذنوب كثير

فإن أك مجزياً بذنبي فإنني ... بشرّ عقاب المذنبين جدير

وإن يك عفو منه عني ورحمة ... فثم نعيم دائم وسرور

انتهى باختصار. وانظر معه نفح الطيب ورحلة التجاني.

أما نصير الدولة باديس فقد قال ابن خلكان: توفي في ذي القعدة سنة 406 هـ عقب سرور حصل له عند عرض عساكره عليه وهو في قبة السلام جالس إلى وقت الظهر وسره حسن عسكره وأبهجه زيهم وما كانوا عليه وانصرف إلى قصره ثم ركب عشية ذلك النهار في أجمل مركوب ولعب الجيش بين يديه ثم رجع إلى قصره شديد السرور فلما مضى مقدار نصف الليل توفي، وفي كتاب الدول المنقطعة أن سبب موته أنه قصد طرابلس ولم يزل على قرب منها عازماً في قتالها وحلف أن لا يرحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015