ومراكش وتونس وتلمسان. في خلاصة تاريخ العرب ما ملخصه فاق مسلمو الأندلس الفرنج في العلوم والصنائع والأخلاق كبذل النفيس والكرم مع ما امتازوا به من معرفة قدرها وعزتها حتى ذهب الكثير منهم إلى قرطبة يستشيرون حكماءها المشتهرين بالطب وكان المسلمون في سائر الجهات منقادين لأبي العائلة مجلين للشيوخ ذوي غيرة شديدة على مراعاة العدل أصغرهم كأكبرهم بالاعتناء بحفظ العائلة من العار لا يمنع خمول أصل أحدهم من الوصول إلى أرقى المناصب غير معولين في اعتبار الشخص على شرف حسبه ونسبه فقط بل على اعتبار فضائله وأخلاقه وكانوا متفننين في اللهم والعمل بالقرآن الدال على أهمية اكتساب الفضائل والأعمال الصالحة ولذا كان الخلفاء يشوقون الناس إلى الشغل ووقاية الأملاك من العدوان والذي ساعدهم على بلوغ شأو العظمة اتساع العلوم والفنون والفلاحة والصنائع. ذاق جميعهم لذة المعارف وتنافسوا في ابتكار ما يمتازون به وكان اقتراحهم للشعر يرفع قدر نفوسهم ولا بد لقضاتهم من حوز معلومات عويصة حتى يعتبرهم الناس زمن قيامهم بوظائفهم وكانوا يكتبون على جميع المباني الجليلة اسم المهندس والآمر بالتشييد ويجزلون الثناء على كل ماهر في فن، وقد بلغوا الدرجة العليا في فنون العمارة والموسيقى والقريض ولذا اقتفى الإفرنج أثرهم في أساليب أبنيتهم وزخارفها وأتقنوا أجناس الأصوات وما في الصوت البشرى من الدلائل والطرق النغمية ومارسوا ضروب الشعر خصوصاً نظم الحكايات المشتملة على نكت مشوقة فبرع فيها الكثير وتعلموا في المدارس علم الفلك والجغرافيا والمنطق والطب والنحو والهندسة والجبر ومبادىء علم الطبيعة والكيمياء الطبيعية والتاريخ الطبيعي وهو علم المواليد الأرضية الثلاث ملئت كتبخاناتهم نسخاً منقولة عن كتب علماء اليونانيين من كتب فلاسفة الإسكندرية واستخرجوا المعادن من الأرض واللؤلؤ والمرجان من البحر وأتقنوا صناعة الدباغة ونسج القطن والأقمشة الحريرية والصوفية ونصال السلاح والسروج والجلود وغير ذلك رغب جميع أهل أوروبا كل الرغبة في ذلك واتجروا في الزيت والعنبر الخام وبلور الصخور والكبريت وغير ذلك واستعملوا طرقة تماثل أوراق الحوالة وكانوا يرسلون البضائع إلى الممالك الشرقية فيرسلون إليها بدلها مما هو مفقود عندهم وبذلوا غاية عنايتهم بالفلاحة وكان بمدائن إشبيلية وقرطبة وغرناطة ومرسية وطليطلة وغيرها كتبخانات ومدارس جليلة تدرس فيها العلوم الرياضية وبالجملة فإن المسلمين بذلوا صادق الهمة والعزيمة في تعلم وتعليم العلوم