ذلك ما روي عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن بعض الصحابة حدثه فقال: إنك تكتب عن رسول الله كل ما يقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم - بشر يغضب فيقول ما لا يكون شرعاً، فرجع عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما قيل له، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم: "اكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج من فمي إلا الحق" (?) . وهذه الروايات في الصحيح، وهناك غيرها ضعيف وهي كثيرة. فإذا ما وازنا بين روايات المنع وروايات الإذن، "وجدنا أبا بكر الخطيب - رحمه الله - (ت463هـ) قد جمع روايات المنع فلم يصح منها إلا حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - السابق ذكره، وقد بينا أن الإمام أبا عبد الله البخاري قد أعله بالوقف على أبي سعيد، وكذلك فعل غيره" (?) . بينما أحاديث الإذن كثيرة. والصحيح منها كثير، روينا بعضه، ومنها: إضافة إلى ما سبق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرض موته: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده" (?) .

وقد اجتهد العلماء في الجمع بين أحاديث الإذن وأحاديث المنع، فنتج عن ذلك آراء أهمها:

أ- أن ذلك من منسوخ السنة بالسنة. أي أن المنع جاء أولاً، ثم نسخ بالإذن في الكتابة بعد ذلك. وإلى ذلك ذهب جمهرة العلماء، ومنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015