يأتي في موضع بألفاظ وفي آخر بغيرها، وقد تتعدد الصور كما في قصة موسى، ويطول في موضع ويختصر في آخر، فبالنظر إلى أداء المعنى كرر النبي صلى الله عليه وسلم بيان شدة الكذب عليه، وبالنظر إلى أداء اللفظ اقتصر على الترغيب.

واعلم أن الأحاديث الصحيحة ليست كلها قولية، بل منها ما هو إخبار عن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة، ومنها ما أصله قولي، ولكن الصحابي لا يذكر القول، بل يقول: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بكذا، أو نهانا عن كذا، أو قضى بكذا، أو أذن في كذا، وأشباه هذا وهذا كثير أيضا.

وهذان الضربان ليسا محل نزاع، والكلام فيما يقول الصحابي فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيت وكيت، أو نحو ذلك.

ومن تتبع هذا في الأحاديث التي يرويها صحابيان أو أكثر ووقع اختلاف فإنما هو في بعض الألفاظ، وهذا يبين أن الصحابة لم يكونوا إذ حكوا قوله صلى الله عليه وسلم يهملون ألفاظه البتة، لكن منهم من يحاول أن يؤديها فيقع له تقديم وتأخير، أو إبدال الكلمة بمرادفها ونحو ذلك.

ومع هذا فقد عرف جماعة من الصحابة كانوا يتحرون ضبط الألفاظ، وكان ابن عمر ممن شدد في ذلك، وقد آتاهم الله من جودة الحفظ ما أتاهم.

فعلى هذا ما كان من أحاديث المشهورين بالتحفظ فهو بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان من حديث غيرهم فالظاهر ذلك؛ لأنهم كلهم كانوا يتحرون ما أمكنهم، ويبقى النظر في تصرف من بعدهم" (?) .

أما قول برويز إن الله لم يتكفل بحفظ السنة فنقول: إن الله تكفل بحفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015