ومن بعدهم، وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي بالشام، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة، وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة، ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسنداً، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسنداً، وصنف أسد بن موسى الأموي مسنداً، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسنداً، ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد، كالإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء، ومنهم من صنف على الأبواب وعلى المسانيد معاً، كأبي بكر بن أبي شيبة" (?) .

فسقط بذلك قول جكرالوي وبطلت دعواه أن تدوين الحديث تأخر إلى القرن الثالث.

أما قول حشمت علي: إن الصحاح الستة تأخر تدوينها إلى القرن الثالث فنقول: نعم، دونت في القرن الثالث فكان ماذا؟ .

لقد تبين آنفاً أن أصولها كانت مدونة مكتوبة (?) ، ويظهر من مجموع كلام الرجلين أنهما ضلا في مفهوم السنة وأنهما يظنان أن السنة هي الكتب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015