47 - الحكيم: هُوَ المُحْكِمُ لِخَلْقِ الأشْيَاءِ. صُرِفَ عَنْ مُفْعِلٍ إلَى فَعِيْلٍ، كَقَوْلهم: ألِيْمٌ بِمَعْنى: مُؤْلم، وَسَمِيْعٌ بِمَعْنَى: مُسْمِعٍ؛ كَقَوْلهِ -جَلَّ وَعَزَّ-: (آلر، تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ الحَكِيْمِ) [يونس/1] وَقَالَ في مَوْضِعٍ آخَرَ: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) [هود/ 1]. فَدَلَّ عَلَى أن المرادَ بالحَكِيْمِ هُنَا الذي أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ، صُرف عن مُفْعَل إلَى فَعِيْلٍ. وَمَعْنَى الإحْكَامِ لِخَلْقِ الأشْيَاءِ، إِنما يَنْصَرِفُ إلَى إتْقَانِ التَّدْبِيْر فِيْها، وَحُسْن التقْدِيْرِ لَهَاْ. إذْ لَيْسَ كُل الخَلِيْقَةِ مَوْصُوْفَا بِوَثَاقَةِ البِنْيةِ، وَشِدَّةِ الأسْرِ كَالبَقَّةِ، والنمْلَةِ، وَمَا أشْبههَما مِنْ ضِعَافِ الخَلْقِ، إلا أن التدبيرَ فِيْهِمَا، والدِّلَالَةَ بهمَا عَلَى كَوْنِ الصانِع وإثبَاتِهِ، لَيسَ بِدُوْنِ الدِّلَالَةِ عَلَيْهِ بِخَلْقِ السمَواتِ والأرْضِ والجبَالِ وَسَائِرِ مَعَاظِمِ الخَلِيْقَةِ، وَكَذلِكَ. هَذَا في قَوْلهِ -جَلَّ وَعزَّ-: (الذي أحسن كلَّ شيءٍ خَلَقَهُ) [السجدة/7] لَم تَقَعِ (?) الإشَارَةُ بِهِ إلَى الحُسْنِ الرَّائِقِ فِي المَنْظَرِ، فَإن هَذَا المَعْنَى مَعْدُوْمٌ فِي القِرْدِ، والخِنْزيْرِ، والدُّبِّ، وَأشْكَالِهَا مِنَ الحَيَوَانِ، وإنما يَنْصَرِفُ المَعْنَى فِيْهِ