إليها، وأعجبه حسنها، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم) (?).
قال العلامة الألباني منبها إلى: (تكرار نظره إليها وهو حاج! [يعني الفضل بن عباس] وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بصرف وجهه عنها، ولا يأمرها بأن تسدل على وجهها، وهذا هو وقت الفتنة بها، وسد الذريعة دونها بزعمهم، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك. فدل فعله صلى الله عليه وسلم على بطلان ما ذهبوا إليه من إيجاب الستر كما هو ظاهر؛ لاتفاق العلماء على أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولذلك فقد أساء أحدهم حين قال - تخلصا من هذه الحجة الظاهرة - "لعل النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بعد ذلك! " أي بتغطية وجهها! فأقول تبعا لابن عمر، أو لغيره من السلف: اجعل (لعل) عند ذاك الكوكب! لأن فيه تعطيلا للسنة التي منها إقراره صلى الله عليه وسلم (...) واعلم أيها القارئ أن الأحاديث التي أخذ منها العلماء - على اختلاف مذاهبهم - كثيرا من الأحكام من إقراره صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر، ولو أن باحثا توجه لجمعها في كتاب، وتكلم عليها رواية ودراية؛ لكان من ذلك مجلد أو أكثر!) (?)