جُيُوبهنَّ فانه عَن هَذِه النِّيَاحَة نهيا شَدِيدا وَتقدم إِلَى صَاحب شرطكم فَلَا يقرن نوحًا فِي دَار وَلَا طَرِيق فَإِن الله قد أَمر الْمُؤمنِينَ عِنْد مصائبهم بِخَير الْأَمريْنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ {الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هم المهتدون}
قَالَ وَدخل يزِيد الرقاشِي على عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ عظني يَا يزِيد فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ بَين آدم وَبَيْنك مِمَّن ولدك أَب حَيّ قَالَ زِدْنِي قَالَ يَا أَمِير الؤمنين أَنْت أول خَليفَة يَمُوت قَالَ زِدْنِي قَالَ لَيْسَ بَين الْجنَّة وَالنَّار منزلَة
قَالَ وَدخل عَلَيْهِ رجل وَبَين يَدَيْهِ كانون فِيهِ نَار فَقَالَ عظني قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا ينفعك من دخل الْجنَّة إِذا دخلت أَنْت النَّار وَمَا يَضرك من دخل النَّار إِذا دخلت انت الْجنَّة قَالَ فَبكى عمر حَتَّى طفئ الكانون الَّذِي كَانَ بَين يَدَيْهِ من دُمُوعه
وَكتب الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز أما بعد فَكَأَن الدُّنْيَا لم تكن وَكَأن الْآخِرَة لم تزل وَكَأن مَا هُوَ كَائِن قد كَانَ وَالسَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته