الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد أرسل إلينا خير رسله وخاتمهم , وتكفل لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالنصر والتمكين , والغلبة لهذا الدين , فبعد المحن والعذاب بمكة , هيأ الله جل وعلا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - خيرة الخلق بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام , وهم صحابته الكرام - رضي الله عنهم - , فقد آزروا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونصروه , وضحوا بأنفسهم وأموالهم وأهليهم في سبيل هذا الدين والدفاع عنه , ولذا أثنى الله عليهم في كتابه حيث قال عز وجل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} (?) , وقد قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا أصحابي , فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (?).
ومن بين هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - مصعب بن عمير - رضي الله عنه - , الذي ضحى بالترف والدلال ورغد العيش , ولاقى من العذاب والتنكيل ما أثّر في جسده , وذلك في سبيل هذا الدين العظيم , وقد أثبتت مواقفه البطولية إخلاصه وصدق إيمانه , وحبه العظيم لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , وتفانيه في الدعوة إلى الله - عز وجل- إذ أسلم على يديه خلق كثير من الصحابة - رضي الله عنهم - حين أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة؛ لذلك جاء