ذلك الوقت؛ لذلك أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة مع من أسلم من الأنصار ليقرأ عليهم القرآن ويعلمهم أمور دينهم , وذلك في هجرته الأولى إلى المدينة.
ومما كان ظاهراً في مكة , الترصد لأتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - , لذلك بصر عثمان بن طلحة بمصعب بن عمير - رضي الله عنه - وهو يصلي , فأخبر أمه وقومه لتبدأ مرحلة جديدة من العذاب والنكال , فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى (?). وقد خرجت أمه حين علمت بإسلامه ناشرةً شعرها , وقالت: لا ألبس خِماراً، ولا أستظلُّ، ولا أدَّهنُ ولا آكلُ طعاماً، ولا أشرب شراباً حتى تدع ما أنت عليه، فقال أخوه أبو عزيز بن عمير: يا أمه دعيني وإياه فإنه غلام عاف ولو أصابه بعض الجوع لترك ما هو عليه , ثم أخذه وحبسه (?).
ولقد مر بمصعب - رضي الله عنه - ألوانٌ من العذاب كغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - بل أشد؛ وذلك لفارق ما كان عليه في الجاهلية وما وقع عليه بعد إسلامه , فالأم التي كان لا يشغل بالها إلا ابنها من فرط حبها له, أصبحت معولاً هداماً لذلك الجسم المنعم , فلا تتردد في تعذيبه , وحرمانه مما كان عليه سابقاً , بل كانت تعين قومه