وأكبر دليل على اهتمامه البالغ بأمهات المؤمنين وشدة التفقد لأحوالهن أنه كان يبعث إليهن باللحوم كلما نحرت النعم، كما تقول عائشة (ض): ((كان عمر بن الخطاب يرسل إلينا بأحظائنا - حصصنا - حتى من الرؤوس والأكارع (?))).
ولما فتح المسلمون العراق جاء درج إلى عمر (ض) وفيه جوهر فقال لأصحابه: ((تدرون ما ثمنه؟ قالوا: لا، ولم يدروا كيف يقسمونه، فقال: تأذنون أن أبعث به إلى عائشة لحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها؟ فقالوا: نعم، فبعث به إليها، ففتحته فقالت: ماذا فتح علي ابن الخطاب بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اللهم
لا تبقني لعطيته لقابل (?))).
وكان (ض) يتمنى أن يدفن في حجرة عائشة (ض) تحت أقدام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكنه لم يتمكن من تقديم طلبه هذا نظرا إلى الأدب والاحترام، وكان مضطربا قلقا من هذا الموضوع وهو في سياقة الموت وحالة الاحتضار، حتى قال لابنه عبد الله: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين (ض) فقل: يقرأ عليك عمر السلام، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فمضى فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فسلم عليها وقال كما أوصاه، قالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنه به اليوم على نفسي (?).
وحتى بعد هذا الإذن من عائشة (ض) قال عمر (ض): ((يا عبد الله بن عمر انطر، فإذا أنا قبضت فاحملوني على سريري، ثم قف بي على الباب، فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلني، وأن ردتني فردني إلى مقابر