ولو صدر ذلك الحلف من إنسان عادي لم تكن له أية أهمية، ولكنه صدر من الشارع العظيم الذي يكون كل قول مما نطق به لسانه سببا لتشريع الشرائع وتأصيل الأصول. ولذلك أنزل الله تعالى العتاب ونزلت آيات من سورة التحريم:

{يا يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 1 - 2].

وأثناء هذه الفترة أسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حفصة شيئا، فأخبرت عائشة بذلك، وذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 3 - 4].

إذن ما هو السر الذي طلب من حفصة أن تخفيه؟ وقد ورد في صحيح البخاري أن ذلك كان حادث تحريم العسل (?)، كما ورد في بعض الروايات الضعيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له أمة تسمى مارية يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه، وأكد على حفصة أن تحافظ على هذا السر ولا تفشيه عند أحد، فأخبرت بها عائشة فنزلت هذه الآية (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015