كما غادروا يومَ القليب ... غداةَ تلك الوَاعيهْ1
من كلِّ غيثفى السَّنِيـ ... ـنِ إذَا الكواكبُ خاويهْ
قَدْ كنتُ أحذَرُ مَا أَرَى ... فَالْيَوْمُ حَقَّ حَذارية
قَدْ كُنْتُ أحْذَرُ مَا أَرَى ... فَأَنَا الغَداةَ مُوامِيَهْ2
يَا رُبَّ قائلةٍ غَدًا ... يَا وَيْحَ أمِّ مُعاويهْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:
يَا عينُ بكِّي عُتُبه ... شَيْخًا شَدِيدَ الرَّقبه
يُطعم يَوْمَ الْمَسْغَبَهْ ... يَدْفَعُ يَوْمَ المغلَبه
إنِّي عَلَيْهِ حَرِبَهْ ... مَلْهُوفَةٌ مُسْتَلبه3
لنهبطنَّ يثربَهْ ... بغارةٍ مُنْثعبهْ4
فِيهَا الخيولُ مُقْرَبه ... كلُّ جوادٍ سَلْهَبَهْ5
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بنتُ مُسَافِرِ بْنِ أَبِي عَمرو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، تَبْكِي أَهْلَ الْقَلِيبِ الَّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَتَذْكُرُ مصابَهم:
يَا مَن لِعَيْنٍ قَذَاها عائرُ الرمدِ ... حَدَّ النهارِ وقَرْنُ الشمسِ لَمْ يَقِدِ6
أُخْبِرْتُ أَنَّ سَراةَ الْأَكْرَمِينَ مَعًا ... قَدْ أحرَزتْهم مناياهُم إلَى أمَدِ
وفَرَّ بالقومِ أصحابُ الركابِ وَلَمْ ... تَعطِفْ غَداتئِذٍ أُمٌّ عَلَى ولدِ
قُومي صَفِيَّ وَلَا تَنْسَى قرابتَهم ... وَإِنْ بكيتِ فَمَا تَبْكِينَ مِنْ بُعُدِ
كَانُوا سقُوبَ سَمَاءِ الْبَيْتِ فانقصفتْ ... فَأَصْبَحَ السَّمْك مِنْهَا غيرَ ذِي عَمَدِ7
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي بَيْتَهَا: "كَانُوا سُقُوبَ" بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ.