قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا وَنَقِيضَتَهَا:

أَلَمْ ترَ أَمْرًا كَانَ مِنْ عَجَبِ الدهرِ ... وللحَيْن أسبابٌ مُبَينة الأمْرِ1

وَمَا ذاك إلا أن قومًا أفادهم ... فخانوا تَواصٍ بالعقوقِ وبالكفرِ2

عَشِيَّةَ راحُوا نحوَ بدرٍ بجمعِهم ... فَكَانُوا رُهُونًا للركيةِ مِنْ بَدْرِ3

وَكُنَّا طَلَبْنَا العيرَ لَمْ نبغِ غيرَها ... فَسَارُوا إلَيْنَا فَالْتَقَيْنَا عَلَى قَدْرِ

فَلَمَّا الْتَقَيْنَا لَمْ تكنْ مَثْنَويَّةٌ ... لَنَا غَيْرَ طعنٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْر4

وضربٍ ببيضٍ يَخْتَلِي الهامَ حَدُّها ... مُشهَّرة الألوانِ بيِّنة الْأُثُرِ5

وَنَحْنُ تَركنا عُتبةَ الْغَيَّ ثَاوِيًا ... وشَيْبة فِي الْقَتْلَى تَجَرْجَمَ فِي الجَفْرِ6

وَعَمْرٌو ثَوَى فِيمَنْ ثَوَى مِنْ حُماتِهم ... فشُقَّتْ جيوبُ النائحاتِ عَلَى عَمْرِو

جيوبُ نساءٍ مِنْ لُؤَيِّ بنَ غالبٍ ... كِرَامٍ تفرعْنَ الذوائبَ منْ فِهرِ7

أُولَئِكَ قومٌ قُتِّلوا فِي ضلالِهم ... وخَلَّوا لِوَاءً غيرَ مُحْتَضَرِ النصرِ

لِواءُ ضلالٍ قَادَ إبليسُ أهلَه ... فَخَاسَ بِهِمْ، إنَّ الخبيثَ إلَى غَدْر8

وَقَالَ لَهُمْ، إذْ عاينَ الأمرَ وَاضِحًا ... بَرِئْتُ إلَيْكُمْ مَا بيَ اليومَ مِنْ صَبْرِ

فَإِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَإِنَّنِي ... أَخَافُ عقابَ اللَّهِ وَاَللَّهُ ذُو قَسْرِ9

فقدَّمهم للحَيْن حَتَّى تَوَرَّطُوا ... وَكَانَ بِمَا لَمْ يَخْبُر القومُ ذَا خُبْرِ

فَكَانُوا غَداةَ البئرِ أَلْفًا وجمعُنا ... ثلاثُ مئينٍ كالمسَدمة الزُّهْرِ10

وَفِينَا جنودُ اللَّهِ حَيْنَ يمدُّنا ... بِهِمْ فِي مَقَامٍ ثُمَّ مُستوْضَحِ الذكرِ

فَشَدَّ بِهِمْ جبريلُ تحتَ لوائِنا ... لَدَى مأزقٍ فِيهِ مناياهمُ تجري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015