فِيهِمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ فَأُصِيبَ فِي الأسارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّاد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أهلُ مَكَّةَ فِي فداءِ أُسَرَائِهِمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ وَبَعَثَتْ فِيهِ بقلادةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهَا رِقةً شَدِيدَةً وَقَالَ: "إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا مالَها، فَافْعَلُوا؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَطْلَقُوهُ وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا.
خُرُوجُ زَيْنَبَ إلَى الْمَدِينَةِ:
قَالَ: وَكَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ، أَوْ وَعَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، أَنْ يخلي سبيل زينب، أَوْ كَانَ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي إطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيُعلم مَا هُوَ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ إلَى مَكَّةَ وخُلي سَبِيلُهُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ مَكَانَهُ، فَقَالَ: كُونَا بِبَطْنِ يأجَج حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ، فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهَا. فَخَرَجَا مكانَهما، وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرِ أَوْ شَيْعِه1، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مكة أمرها باللحوق بأبيها، فخرجت تَجَّهز.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حُدثت عَنْ زَيْنَبَ أَنَّهَا قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا أَتَجَهَّزُ بِمَكَّةَ لِلُّحُوقِ بِأَبِي لَقِيَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالَتْ: يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ تُرِيدِينَ اللُّحُوقَ بِأَبِيكَ؟ قالت: مَا أردتُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَيْ ابْنَةَ عَمِّي، لَا تَفْعَلِي، إنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ بِمَتَاعِ مِمَّا يَرْفُقُ بِكَ فِي سَفَرِكَ، أَوْ بِمَالٍ تَتَبَلَّغِينَ بِهِ إلَى أَبِيكَ، فَإِنَّ عِنْدِي حَاجَتَكَ، فَلَا تَضْطَني2 مِنِّي فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَ النِّسَاءِ مَا بَيْنَ الرِّجَالِ. قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا أَرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إلَّا لِتَفْعَلَ، قَالَتْ: وَلَكِنِّي خِفتُها، فَأَنْكَرْتُ أَنْ أَكُونَ أُرِيدُ ذَلِكَ، وَتَجَهَّزْتُ.
فَلَمَّا فَرَغَتْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَهَازِهَا قَدَّم لَهَا حَمُوها كِنانةُ بْنُ الربيعِ أَخُو زَوْجِهَا بَعِيرًا، فَرَكِبَتْهُ، وَأَخَذَ قوسَه وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يقود بها، وهي في هَوْدج