وخَبِّر بِاَلَّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ ... بصِدْقٍ غيرِ إخبارِ الكذوبِ

بِمَا صَنَعَ المليكُ غَداةَ بَدْرٍ ... لَنَا فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ النَّصيبِ

غداةَ كَأَنَّ جَمَعَهُئم حِراءٌ ... بدتْ أركانُة جُنْح الغروبِ

فلاقَيناهُمُ مِنَّا بجَمْع ... كأسْد الغابِ مردانٍ وشيبِ

أمامَ مُحَمَّدٍ قَدْ وَازَرُوهُ ... عَلَى الأعداءِ فِي لَفْحِ الحروبِ

بِأَيْدِيهِمْ صَوارمُ مُرهَفات ... وكلُّ مجرَّب خَاظِي الكُعوبِ1

بَنُو الأوسِ الغَطارفُ وازرَتْها ... بَنُو النجارِ فِي الدينِ الصليبِ2

فَغَادَرْنَا أَبَا جَهْلٍ صَرِيعًا ... وعُتبةَ قَدْ تَرَكْنَا بالجَبوبِ3

وشَيْبةَ قَدْ تَرَكْنَا فِي رِجَالٍ ... ذَوِي حسبٍ إذَا نُسبوا حسيبِ

يُنَادِيهِمْ رسولُ اللَّهِ لَمَّا ... قَذَفْنَاهُمْ كباكِبَ فِي القَليبِ4

أَلَمْ تَجِدُوا كَلَامِي كَانَ حَقُّا ... وأمرُ اللَّهِ يأخدُ بالقَلوبِ؟

فَمَا نَطَقُوا، وَلَوْ نَطَقُوا لَقَالُوا:

صدقتَ وكنتَ ذَا رأيٍ مُصيبِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُلقوا فِي القَليب، أُخِذَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فسُحب إلَى الْقَلِيبِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فِيمَا بَلَغَنِي- فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتبة، فَإِذَا هُوَ كَئِيبٌ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، فَقَالَ: "يَا أَبَا حُذَيْفَةَ، لَعَلَّكَ قَدْ دَخَلَكَ مِنْ شَأْنِ أَبِيكَ شَيْءٌ؟ " أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شككتُ فِي أَبِي وَلَا فِي مصرعه، ولكني كُنْتُ أَعْرِفُ مَنْ أَبِي رَأْيًا وَحِلْمًا وَفَضْلًا، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَهْدِيَهُ ذَلِكَ إلَى الِإسلام، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا أَصَابَهُ، وَذَكَرْتُ مَا مَاتَ عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْرِ، بَعْدَ الَّذِي كُنْتُ أَرْجُو لَهُ، أَحْزَنَنِي ذَلِكَ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرٍ، وَقَالَ لَهُ خيرًا.

الْفِتْيَةِ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} وكان الفتية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015