قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: أحَدٌ أحَدٌ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَدوه، أَمَرَ بِأَبِي جَهْلٍ أَنْ يُلْتمس فِي الْقَتْلَى.

وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ أَبَا جَهْلٍ، كَمَا حَدَّثَنِي ثَوْر بْنُ يَزِيدَ عَنْ عِكْرمة، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا قد حدثني ذلك قالا: قال معاذ بن عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، أَخُو بَنِي سَلمة: سَمِعْتُ الْقَوْمَ وَأَبُو جَهْلٍ فِي مِثْلِ الحَرَجة -قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الحَرَجة: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ سَأَلَ أَعْرَابِيًّا عَنْ الحَرَجة؟ فَقَالَ: هِيَ شَجَرَةٌ مِنْ الْأَشْجَارِ لَا يُوصَلُ إلَيْهَا، وَهُمْ يَقُولُونَ: أَبُو الحَكم لَا يُخلص إلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا جَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي، فصمَدْتُ نحوَه، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً أطنَّت قدمَه1 بِنِصْفِ سَاقِهِ، فَوَاَللَّهِ مَا شَبَّهْتهَا حِينَ طَاحَتْ إلَّا بِالنَّوَاةِ تُطِيحُ مِنْ تَحْتِ مِرْضخة النَّوَى حِينَ يُضرب بِهَا2. قَالَ: وَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكرمة عَلَى عَاتِقِي، فَطَرَحَ يَدِي، فَتَعَلَّقَتْ بجلْدة مِنْ جَنْبي، وَأَجْهَضَنِي3 القتالُ عَنْهُ، فَلَقَدْ قَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي، وَإِنِّي لَأَسْحَبُهَا خَلْفِي، فَلَمَّا آذَتْنِي وَضَعْتُ عَلَيْهَا قَدَمِي، ثُمَّ تَمَطَّيْتُ بِهَا عَلَيْهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ.

ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي جَهْلٍ وَهُوَ عَقير: مُعَوّذ بْنُ عَفْرَاءَ، فَضَرَبه حَتَّى أَثْبَتَهُ، فَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ. وَقَاتَلَ مُعَوذ حَتَّى قُتل، فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي جَهْلٍ، حِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُلتمس فِي الْقَتْلَى، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فِيمَا بَلَغَنِي-: "اُنْظُرُوا -إنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فِي الْقَتْلَى-إلَى أَثَرِ جُرح فِي رُكْبَتِهِ؛ فَإِنِّي ازْدَحَمْتُ يوماَ أَنَا وَهُوَ عَلَى مأدُبة لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعان، وَنَحْنُ غُلَامَانِ، وَكُنْتُ أشفَّ مِنْهُ بيَسير، فدفعتُهُ فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَجُحِشَ4 فِي إحْدَاهُمَا جَحْشًا لَمْ يَزَلْ أَثَرُهُ بِهِ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَق فَعَرَفْتُهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنقه، قال: وقد كان ضبَث بن مَرَّةً بِمَكَّةَ، فَآذَانِي وَلَكَزَنِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: هل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015