{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16] المنافقون من أحبار اليهود: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّنْ تعوَّذ بِالْإِسْلَامِ، وَدَخَلَ فِيهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَظْهَرَهُ وَهُوَ مُنَافِقٌ، من أحبار يهود.
مِنْ بَنِي قينُقاع: سَعْدُ بْنُ حُنَيْف، وزَيْد بْنُ اللُّصيْت، وَنُعْمَانُ بْنُ أوْفَى بْنُ عَمْرٍو، وَعُثْمَانُ بْنُ أَوْفَى. وَزَيْدُ بْنُ اللُّصَيْت، الَّذِي قَاتَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ، حَيْنَ ضَلَّتْ ناقةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يزعمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَأْتِيهِ خبرُ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَهُ الْخَبَرُ بِمَا قَالَ عدوُّ اللَّهِ فِي رَحْلِهِ، ودَلَّ اللَّهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى رسولَه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَتِهِ: "إنَّ قَائِلًا قَالَ: يزعمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَأْتِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ، وَإِنِّي وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُ إلَّا مَا علَّمني اللَّهُ، وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، فَهِيَ فِي هَذَا الشِّعْب، قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بزمامِها، فَذَهَبَ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدُوهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَمَا وَصَفَ. وَرَافِعُ بْنُ حُرَيْملة، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ الرَّسُولُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فِيمَا بَلَغَنَا- حَيْنَ مَاتَ: قَدْ مَاتَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْد بْنِ التَّابوت، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْنَ هَبَّتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ، وَهُوَ قَافِلٌ مِنْ غَزْوَةِ بَنِي المصْطَلَق، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى أَشْفَقَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَخَافُوا، فَإِنَّمَا هَبَّتْ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْكُفَّارِ". فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَجَدَ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ التَّابوت مَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي هَبَّت فِيهِ الرِّيحُ. وسِلْسلة بنَ بِرْهام وكنانة بن صُورِيا.
طرد المنافقين من المسجد: وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ يحضُرون الْمَسْجِدَ فَيَسْتَمِعُونَ أَحَادِيثَ الْمُسْلِمِينَ، ويَسْخَرون وَيَسْتَهْزِئُونَ بِدِينِهِمْ، فَاجْتَمَعَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ مِنْهُمْ نَاسٌ، فَرَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، خَافِضِي أَصْوَاتَهُمْ، قَد لَصِقَ بعضُهم بِبَعْضٍ، فَأَمَرَ بِهِمْ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُخْرِجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ إخْرَاجًا عَنِيفًا، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ، خالدُ بنُ زيد بنُ كُلَيْب، إلى عُمر بْنِ قَيْس، أَحَدِ بَنِي غَنْم بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ -كَانَ صَاحِبَ آلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ-فَأَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَحَبَهُ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتُخْرِجُنِي يَا أَبَا أَيُّوبَ مِنْ مرْبد بَنِي ثَعْلَبَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ أَيْضًا إلَى رَافِعِ بْنِ وَدِيعة، أَحَدِ بَنِي النجار فلبَّبه بردائه ثم نثره نثرًا شَدِيدًا، وَلَطَمَ وجهَه، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَبُو أَيُّوبَ يَقُولُ لَهُ: أُفٍّ لَكَ مُنَافِقًا خَبِيثًا. أدراجَك يَا مُنَافِقُ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.