الْبَصِيرَةِ. فَضَرَبَهُ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ بِالْقَوْسِ فشجَّه. وَأَخُوهُ أَوْسُ بْنُ قَيْظي وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْخَنْدَقِ: يَا رَسُولَ الله، إن بيوتَنا عَوْرة، فأذَنْلنا فلنرجعْ إلَيْهَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13] .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَوْرة أَيْ مُعْوَرَّة لِلْعَدُوِّ وَضَائِعَةٌ وَجَمْعُهَا: عَوْرات قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:

مَتَى تَلْقَهم لَا تلقَ لِلْبَيْتِ عَوْرَةً ... وَلَا الجارَ مَحْرومًّا وَلا الأمرَ ضَائِعًا

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ، وَالْعَوْرَةُ أَيْضًا: عَوْرة الرَّجُلِ، وَهِيَ حُرْمته. والعورة أيضًا السَّوْءَة.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمِنْ بَنِي ظَفَر، وَاسْمُ ظَفَر: كَعْبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: حَاطِبُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ شَيْخًا. جَسِيمًا قَدْ عَسَا فِي جَاهِلِيَّتِهِ وَكَانَ لَهُ ابْنٌ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ حَاطِبٍ، أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى أَثَبَتَتْهُ الْجِرَاحَاتُ، فحُمل إلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتادة أَنَّهُ اجْتَمَعَ إلَيْهِ مَنْ بِهَا مِنْ رِجَالِ الْمُسْلِمِينَ وَنِسَائِهِمْ وَهُوَ بِالْمَوْتِ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ أَبْشِرْ يابن حَاطِبٍ بِالْجَنَّةِ، قَالَ: فَنَجَمَ1 نفاقُه حينئذٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ أَبُوهُ: أَجَلْ جَنَّةٌ وَاَللَّهِ مِنْ حَرْمل، غَرَرْتُمْ وَاَللَّهِ هَذَا الْمِسْكِينُ مِنْ نفسهِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وبُشَيْر بْنُ أبَيْرق، وَهُوَ أَبُو طُعمَة، سَارِقُ الدِّرْعين، الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107] : وقُزْمان: حَلِيفٌ لَهُمْ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: إنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى قتلَ بضعةَ نَفَرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَثْبَتَتْهُ الجراحاتُ، فحُمل إلَى دَارِ بَنِي ظَفر، فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: أَبْشِرْ يَا قُزْمَان، فَقَدْ أبليتَ الْيَوْمَ، وَقَدْ أَصَابَكَ مَا تَرَى فِي اللَّهِ. قَالَ: بِمَاذَا أُبْشِرُ، فَوَاَللَّهِ مَا قاتلتُ إلَّا حَمِيَّةً عَنْ قَوْمِي، فَلَمَّا اشْتَدَّتْ بِهِ جِرَاحَاتُهُ وَآذَتْهُ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنانتِه، فَقَطَعَ بِهِ رواهشَ2 يده، فقتل نفسَه.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي بَنِي عَبْدِ الأشْهل مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ يُعلم، إلَّا أن الضحاك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015