قبلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلَمِس الْغَارَ، لِيَنْظُرَ أَفِيهِ سَبُعٌ أَوْ حَيَّةٌ، يَقِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسِهِ.

من قام بشأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فِي الْغَارِ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ ثَلَاثًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ فِيهِ حين فقدوه مائةَ نَاقَةٍ، لِمَنْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَكُونُ فِي قُرَيْشٍ نهارَه مَعَهُمْ، يَسْمَعُ مَا يَأْتَمِرُونَ بِهِ، وَمَا يَقُولُونَ فِي شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ. ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى فَيُخْبِرُهُمَا الْخَبَرَ. وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرة مولَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَرْعَى فِي رُعْيانِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَإِذَا أَمْسَى أَرَاحَ عَلَيْهِمَا غنمَ أَبِي بَكْرٍ. فَاحْتَلَبَا وَذَبَحَا، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ غدَا مِنْ عِنْدِهِمَا إلَى مَكَّةَ، اتَّبَعَ عامرُ بنُ فُهَيْرة أثرَه بِالْغَنَمِ حَتَّى يُعَفِّى عَلَيْهِ، حَتَّى إذَا مَضَتْ الثلاثُ، وَسَكَنَ عَنْهُمَا الناسُ أَتَاهُمَا صاحبُهما الَّذِي اسْتَأْجَرَاهُ ببعيريْهما وَبَعِيرٍ لَهُ، وَأَتَتْهُمَا أسماءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بسُفْرتهما، وَنَسِيَتْ أَنْ تَجْعَلَ لَهَا عِصامًا1 فَلَمَّا ارْتَحَلَا ذَهَبَتْ لِتُعَلِّقَ السّفرةَ، فَإِذَا لَيْسَ لَهَا عِصام، فَتَحِلُّ نِطاقها فَتَجْعَلُهُ عِصامًا، ثُمَّ عَلَّقَتْهَا بِهِ.

سَبَبُ تَسْمِيَةِ أَسْمَاءَ بِذَاتِ النِّطَاقِ: فَكَانَ يُقَالُ لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: ذَاتُ النِّطَاقِ، لِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَسَمِعْتُ غيرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ، وَتَفْسِيرُهُ: أَنَّهَا لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تُعَلِّقَ السُّفْرَةَ شَقَّتْ نِطَاقَهَا بِاثْنَيْنِ: فعلقت السفرة بواحد، وانتطَقَتْ بالآخر.

راحلة الرسول: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا قَرَّب أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الرَّاحِلَتَيْنِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدَّمَ لَهُ أفضَلَهما، ثُمَّ قَالَ: اركبْ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أني لَا أَرْكَبُ بَعِيرًا لَيْسَ لِي قَالَ: فَهِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ مَا الثمنُ الَّذِي ابْتَعْتهَا بِهِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: قَدْ أخذتُها بِهِ. قَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ2. فَرَكِبَا وَانْطَلَقَا وَأَرْدَفَ أَبُو بَكْرٍ الصدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عامرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَاهُ خلفَه، ليخدمَهما في الطريق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015