رِحَالِكُمْ". قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبادة بْنِ نَضلة: وَاَللَّهِ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إنْ شِئْتَ لنميلنَّ عَلَى أهلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: "لَمْ نُؤمرْ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ ارْجِعُوا إلَى رِحَالِكُمْ". قَالَ: فَرَجَعْنَا إلَى مَضَاجِعِنَا، فَنِمْنَا عَلَيْهَا حتى أصبحنا.

قريش تجادل الأنصار: قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جِلَّة قُرَيْشٍ، حَتَّى جَاءُونَا فِي مَنَازِلِنَا فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، إنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إلَى صَاحِبِنَا هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَإِنَّهُ وَاَللَّهِ مَا مِنْ حَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ أَبْغَضُ إلَيْنَا، أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وبينِهم، مِنْكُمْ. قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَاكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْنَاهُ. قَالَ؛ وَقَدْ صَدَقُوا، لَمْ يَعْلَمُوهُ. قَالَ: وَبَعْضُنَا يَنْظُرُ إلَى بَعْضٍ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ، وَفِيهِمْ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ لَهُ جَدِيدَانِ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ كَلِمَةً –كَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْرَكَ الْقَوْمَ بِهَا فِيمَا قَالُوا-: يَا أَبَا جَابِرٍ، أَمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَّخِذَ وَأَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِنَا، مِثْلَ نعلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: فَسَمِعَهَا الْحَارِثُ، فَخَلَعَهُمَا مِنْ رِجْلَيْهِ ثُمَّ رَمَى بِهِمَا إليَّ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ لتَنْتعَلَنَّهُما. قَالَ: يَقُولُ: أَبُو جَابِرٍ: مَهْ، أحفظتَ وَاَللَّهِ الْفَتَى، فَارْدُدْ إلَيْهِ نَعْلَيْهِ، قال: قلت: والله لا أردّهما، قال: وَاَللَّهِ صَالِحٌ، لَئِنْ صَدَقَ الْفَأْلُ لأسلُبَنَّه.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُمْ أَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ كعب من القول، فقال لهم: إنَّ هَذَا الْأَمْرَ جَسِيمٌ، مَا كَانَ قَوْمِي لِيَتَفَوَّتُوا عليَّ بِمِثْلِ هَذَا، وَمَا علمتُه كَانَ، قال: فانصرفوا عنه.

قريش تأسر سعد بن عُبادة: قال: ونفر الناس من مِنى، فتنطَّس القومُ الخبرَ1، فَوَجَدُوهُ قَدْ كَانَ، وَخَرَجُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بْنَ عُبادة بأذَاخر، وَالْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو، أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَكِلَاهُمَا كَانَ نَقِيبًا، فَأَمَّا الْمُنْذِرُ فَأَعْجَزَ القومَ؛ وَأَمَّا سَعْدٌ فَأَخَذُوهُ، فَرَبَطُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقِهِ بنِسْعِ2 رَحْلِهِ، ثُمَّ أَقْبَلُوا بِهِ حَتَّى أَدْخَلُوهُ مَكَّةَ يَضْرِبُونَهُ، وَيَجْذِبُونَهُ بجُمته، وَكَانَ ذَا شَعَرٍ كَثِيرٍ.

خَلَاصُ سعد: قَالَ سَعْدٌ: فَوَاَللَّهِ إنِّي لَفِي أَيْدِيهمْ إذْ طَلَعَ عليَّ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ رَجُلٌ وضيء أبيض، شَعْشاع، حلو من الرجال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015