بالحق لنمنَعنَّك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أزُرَنا1 فبايعْنا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَحْنُ وَاَللَّهِ أبناءُ الْحُرُوبِ، وَأَهْلُ الحلْقة، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ. قَالَ: فَاعْتَرَضَ القولَ وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهان، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا يَعْنِي الْيَهُودَ فَهَلْ عَسَيْتَ إنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللهُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى قَوْمِكَ وتَدَعنا؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قَالَ: بَلْ الدَّمَ الدَّمَ، والهَدْم الهَدْم2، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ من سالمتم.
قال ابن هشام: ويقال: الهَدَم الهدَم: يَعْنِي الْحُرْمَةَ. أَيْ ذِمَّتِي ذِمَّتُكُمْ، وَحُرْمَتِي حُرْمَتُكُمْ.
قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْرِجُوا إليَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، لِيَكُونُوا عَلَى قومِهم بِمَا فِيهِمْ. فَأَخْرَجُوا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، تِسْعَةً مِنْ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةً مِنْ الأوْس.