إرسال مصعب بن عمير مَعَ وَفْدِ الْعَقَبَةِ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُ الْقَوْمُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ مُصْعَب بْنَ عُميْر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقْرِئَهُمْ الْقُرْآنَ، وَيُعَلِّمَهُمْ الْإِسْلَامَ، وَيُفَقِّهَهُمْ فِي الدِّينِ، فَكَانَ يُسَمَّى الْمُقْرِئَ بِالْمَدِينَةِ مُصْعَبٌ. وَكَانَ منزَله1 عَلَى أَسْعَدِ بْنِ زُرارة بْنِ عُدَسَ، أَبِي أُمَامَةَ.
قَالَ ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قَتادة: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَؤُمَّهُ بَعْضٌ.
أول جمعة أقيمت بِالْمَدِينَةِ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيف، عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي: كعبِ بْنِ مَالِكٍ، حِينَ ذَهَبَ بصرُه، فَكُنْتُ إذَا خَرَجْتُ بِهِ إلَى الْجُمُعَةِ، فَسَمِعَ الأذانَ بِهَا صَلَّى عَلَى أَبِي أُمَامَةَ، أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. قَالَ: فَمَكَثَ حِينًا عَلَى ذَلِكَ لَا يَسْمَعُ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ إلَّا صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا بِي لَعَجْزٌ، أَلَّا أَسْأَلَهُ مَا لَهُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّى عَلَى أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرارة؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ، فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أبتِ، مَا لَكَ إذَا سَمِعْتَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّيْتَ عَلَى أَبِي أمامة؟ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِنَا بِالْمَدِينَةِ فِي هَزم النَّبِيتِ، مِنْ حَرَّة بَنِي بَياضة، يُقَالُ لَهُ: نَقيع الخَضمات، قَالَ: قُلْتُ: وَكَمْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا.
إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وبني عبد الأشهل: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُعَيْقب، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمرو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرارة خَرَجَ بمصْعَب بْنِ عُمَيْرٍ يُرِيدُ بِهِ دَارَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارَ بَنِي ظَفَر، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بن عبد الأشهل ابن خَالَةِ أَسْعَدَ بْنِ زُرارة، فَدَخَلَ بِهِ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَر.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُ ظَفَرٍ: كَعْبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ قَالَا: عَلَى بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ مَرَق فَجَلَسَا فِي الْحَائِطِ، وَاجْتَمَعَ إلَيْهِمَا رِجَالٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وأسَيْد بْنُ حُضَيْر، يَوْمَئِذٍ سَيِّدَا قَوْمِهِمَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَكِلَاهُمَا مشرك