لا تحسبنِّي يابنَ زِغْبِ بْنِ مَالِكٍ ... كَمَنْ كُنت تُرْدِي بالغيوبِ وتَخْتِلُ
تَحَوَّلْتَ قِرْنا إذْ صُرِعْت بعزةٍ ... كَذَلِكَ إِنَّ الحازمَ المتحوِّل
ضربتُ بِهِ إبْطَ الشَّمَالِ فَلَمْ يزلْ ... عَلَى كلِّ حالٍ خدُّه هُوَ أسفلُ
فِي أَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ كَانَ يَقُولُهَا.
فَتَصَدَّى لَهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين سَمِعَ بِهِ، فَدَعَاهُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ سُوَيد: فَلَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلُ الَّذِي مَعِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا الَّذِي مَعَكَ؟ " قَالَ: مَجَلَّةُ لُقمان1 –يَعْنِي حِكْمَةَ لُقْمَانَ– فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْرِضْهَا عَلَيَّ"، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: "إنَّ هَذَا لَكَلَامٌ حَسَنٌ، وَاَلَّذِي مَعِي أَفَضْلُ مِنْ هَذَا، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عليَّ، هُوَ هُدى وَنُورٌ"، فَتَلَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقُرْآنَ، وَدَعَاهُ إلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَبْعُد مِنْهُ، وَقَالَ: إنَّ هَذَا لَقَوْلٌ حَسَنٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج، فإذا كَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ لَيَقُولُونَ: إنَّا لَنَرَاهُ قَدْ قُتل وَهُوَ مُسْلِمٌ. وَكَانَ قَتْلُهُ قَبْلَ يَوْمِ بُعاث2.
إسْلَامُ إيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ وَقِصَّةُ أَبِي الْحَيْسَرِ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الحُصَيْن بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ ُمعاذ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الحَيْسَر، أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ، مَكَّةَ وَمَعَهُ فِتية مِنْ بَنِي عَبْدِ الأشْهل، فِيهِمْ إيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ، يَلْتَمِسُونَ الحِلْف مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنْ الْخَزْرَجِ، سَمِعَ بِهِمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم،