وَمَا قَالَ المغيرةُ ذَاكَ إلَّا ... ليعلمَ شأنَنا أَوْ يَسْتَثِيرُ
فَإِنَّ دمَ الْوَلِيدِ يُطَلُّ إنَّا ... نَطُلُّ دِمَاءً أَنْتَ بِهَا خَبِيرُ
كَسَاهُ الْفَاتِكُ الْمَيْمُونُ سَهْمًا ... زُعَافًا وهْو مُمْتَلِئٌ بَهِيرُ1
فَخَرَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مُسلحبًّا ... كَأَنَّهُ عِنْدَ وَجْبَتِهِ بَعِيرُ
سيكفيني مطال أبي هشام ... صغار جعدة الأوتار خُورُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتًا واحدًا أقذع فيه.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ عَدَا هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى أَبِي أُزَيْهِرٍ، وَهُوَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ عَاتِكَةُ؛ بِنْتُ أَبِي أُزَيْهِرٍ، وَكَانَ أَبُو أُزَيْهِرٍ رَجُلًا شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ، فَقَتَلَهُ بِعُقْرِ الْوَلِيدِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، لِوَصِيَّةِ أَبِيهِ إيَّاهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَى الْمَدِينَةِ وَمَضَى بَدْرٌ، وَأُصِيبَ بَهْ مَنْ أُصِيبَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَخَرَجَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَمَعَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بِذِي الْمَجَازِ، فقال الناس: أخفر أَبُو سُفْيَانَ فِي صِهْرِهِ، فَهُوَ ثَائِرٌ بِهِ. فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو سُفْيَانَ بِاَلَّذِي صَنَعَ ابْنُهُ يَزِيدُ –وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ رَجُلًا حَلِيمًا مُنْكَرًا يُحِبُّ قَوْمَهُ حُبًّا شَدِيدًا- انْحَطَّ سَرِيعًا إلَى مَكَّةَ، وَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ قُرَيْشٍ حَدَثٌ فِي أَبِي أُزَيْهِرٍ، فَأَتَى ابْنَهُ وَهُوَ فِي الْحَدِيدِ، فِي قَوْمِهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَالْمُطَيِّبِينَ، فَأَخَذَ الرُّمْحَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةً هدَّه مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: قَبَّحَكَ اللَّهُ! أَتُرِيدُ أَنْ تَضْرِبَ قُرَيْشًا بعضَهم بِبَعْضِ فِي رَجُلٍ مِنْ دَوْس. سنؤتيهم العَقْل إن قبلوه، وأطفئ لك الأمرَ.
فَانْبَعَثَ حسانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرِّضُ فِي دَمِ أَبِي أزَيْهر، وَيُعَيِّرُ أَبَا سُفْيَانَ خُفْرَته ويُجْبِنه، فَقَالَ:
غَدَا أهلُ ضَوْجَىْ ذِي الْمَجَازِ كِلَيْهِمَا ... وَجَارَ ابنِ حربٍ بالمغمَّس مَا يغدُو2
وَلَمْ يَمْنَعْ العيرُ الضَّروطُ ذمارَه ... وَمَا مَنَعَتْ مخزاةَ والدِها هندُ3