الْخَيْلِ الْمَقَارِفِ1 فِي الْعَطَاءِ فَعَرَضَ الْخَيْلَ، فَمَرَّ بِهِ فَرَسُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: فَرَسُكَ هَذَا مُقْرف، فَغَضِبَ عَمْرٌو، وَقَالَ: هَجِينٌ عَرَفَ هَجِينًا مِثْلَهُ، فَوَثَبَ إلَيْهِ قيس فتوعده، فقال عمرو هذه الأبيات.
تصديق قول شق وسطيح: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَهَذَا الَّذِي عَنَى سَطِيحٌ الْكَاهِنُ بِقَوْلِهِ: "لَيَهْبِطَنَّ أرْضَكُم الْحَبَشُ، فليملُكُنَّ مَا بَيْنَ أبْيَن إلَى جُرَش" وَاَلَّذِي عَنَى شِقٌّ الْكَاهِنُ بِقَوْلِهِ: "لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمْ السُّودَانُ، فليغلُبن عَلَى كل طَفلة البنان وليملُكن ما بين أبْيَن إلى نجران".
النزاع على اليمن بين أبرهة وأرياط:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَقَامَ أرْيَاط بِأَرْضِ الْيَمَنِ سِنِينَ فِي سُلْطَانِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ نَازَعَهُ فِي أمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشي، حَتَّى تَفَرَّقَتْ الْحَبَشَةُ عَلَيْهِمَا، فَانْحَازَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ سَارَ أحدُهما إلَى الْآخَرِ، فَلَمَّا تَقَارَبَ النَّاسُ أَرْسَلَ أبرهةُ إلَى أرياطَ: إنَّكَ لَا تَصْنَعُ بِأَنْ تَلْقَى الْحَبَشَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضِ، حَتَّى تَفِنِيهَا شَيْئًا، فَابْرُزْ إليَّ، وَأَبْرُزُ إلَيْكَ، فَأَيُّنَا أَصَابَ صاحبَه انْصَرَفَ إلَيْهِ جندُه، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ أَرْيَاطُ: أنصفتَ؛ فَخَرَجَ إليه أبرهة -وكان رجلًا قصيرًا لحيمًا، وكان ذا دين النَّصْرَانِيَّةِ -وَخَرَجَ إلَيْهِ أَرْيَاطُ وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا عَظِيمًا طَوِيلًا، وَفِي يَدِهِ حَرْبَةٌ لَهُ وَخَلَفَ أَبْرَهَةَ غُلَامٌ لَهُ، يُقَالُ لَهُ: عَتْودَة2، يَمْنَعُ ظَهْرَهُ، فَرَفَعَ أرياطُ الْحَرْبَةَ، فَضَرَبَ أَبْرَهَةَ يُرِيدُ يَافُوخَهُ، فَوَقَعَتْ الْحَرْبَةُ عَلَى جَبْهَةِ أَبْرَهَةَ، فَشَرَمَتْ حَاجِبَهُ وَأَنْفَهُ وَعَيْنَهُ وَشَفَتَهُ، فَبِذَلِكَ سُمى: أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمَ، وَحَمَلَ عَتْوَدة عَلَى أَرْيَاطَ مِنْ خَلْفِ أَبْرَهَةَ فَقَتَلَهُ، وَانْصَرَفَ جندُ أَرْيَاطَ إلَى أَبْرَهَةَ فَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْحَبَشَةُ بِالْيَمَنِ، وَوَدَى3 أبرهةُ أرياطَ.
غضب النجاشي على أبرهة: فلما بلغ النَّجَاشِيَّ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: عَدَا عَلَى أميري فقتله بغير أمري، ثم حَلَفَ: لَا يَدَعُ أَبْرَهَةَ حَتَّى يَطَأَ بِلَادَهُ، ويجز ناصيته. فحلق أبرهة رأسَه