تفسير لفظ المهل: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ الْمُهْلُ: كُلُّ شَيْءٍ أَذَبْتُهُ، مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذلك، فيما أخبرني أبو عُبيدة.
وَبَلَغَنَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالِيًا لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْكُوفَةِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ يَوْمًا بِفِضَّةٍ فَأُذِيبَتْ، فَجُعِلَتْ تَلَوَّنُ أَلْوَانًا، فَقَالَ: هَلْ بِالْبَابِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ؛ قَالَ: فَأَدْخِلُوهُمْ، فَأُدْخِلُوا فَقَالَ: إنَّ أَدْنَى مَا أَنْتُمْ رَاءُونَ شَبَهًا بِالْمُهْلِ لَهَذَا. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
يَسْقِيهِ رَبِّي حميمَ المهلِ يجرعُه ... يشْوِي الوجوهَ فَهُوَ فِي بطنِه صَهِرُ
وَيُقَالُ: إنَّ الْمُهْلَ: صَدِيدُ الجسد.
وقال عبد الله بن الزبير الأسدي:
فمن عاش منهم عاش عبدًا وِإن يمتْ ... ففي النارِ يُسقَى مهلها وصديدها
وهذا البيت في قصيدة له.
بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمَّا حُضر أَمَرَ بِثَوْبَيْنِ لَبِيسَيْنِ يغْسَلان فيُكَفن فيهما، فقالت عَائِشَةُ: قَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ يَا أَبَتِ عَنْهُمَا، فاشترِي كَفَنًا، فَقَالَ: إنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ حَتَّى يَصِيرَ إلَى الْمُهْلِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
شابَ بالماءِ مِنْهُ مُهلًا كَريهًا ... ثُمَّ علَّ المتونَ بعدَ النِّهالِ1
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60] .
ابن أم مكتوم والوليد وسورة عَبَسَ: وَوَقَفَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُهُ، وَقَدْ طَمِعَ فِي إسْلَامِهِ، فَبَيْنَا هُوَ فِي ذَلِكَ، إذْ مَرَّ بِهِ ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعَلَ يَسْتَقْرِئُهُ القرآنَ، فَشَقَّ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى رسول الله