قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَهَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظيّ، وَبَعْضِ أَهْلِ نَجْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كان.

ذو نواس يدعو أهل نجران إلى اليهودية: فَسَارَ إلَيْهِمْ ذُو نُوَاسٍ بِجُنُودِهِ، فَدَعَاهُمْ إلَى الْيَهُودِيَّةِ، وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْقَتْلِ، فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ، فخدَّ لَهُمْ الْأُخْدُودَ1، فَحَرَقَ مَنْ حَرَقَ بِالنَّارِ، وقتل من قتل بالسيف، ومثَّل بهم، حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، فَفِي ذِي نُواس وَجُنْدِهِ تِلْكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} . [البروج: 4-8]

تفسير الأخدود: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأُخْدُودُ: الحَفْر الْمُسْتَطِيلُ فِي الْأَرْضِ، كَالْخَنْدَقِ وَالْجَدْوَلِ وَنَحْوِهِ، وَجَمْعُهُ: أَخَادِيدُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ -وَاسْمُهُ: غَيْلان بْنُ عُقبة، أَحَدُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ أُدِّ بن طابخة بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضر:

مِنْ العراقِيَّةِ اللَّاتِي يُحيلُ لَهَا ... بَيْنَ الفَلَاةِ وبينَ النخلِ أخدودُ

يَعْنِي: جَدْوَلًا. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. قَالَ: وَيُقَالُ لِأَثَرِ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ فِي الْجِلْدِ، وأثر السوط ونحوه: أخدود، وجمعه أخاديد.

نهاية عبد الله بن الثَّامِرِ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَيُقَالُ: كَانَ فِيمَنْ قَتَلَ ذُو نُوَاسٍ، عبدَ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ رأسهم وإمامهم.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمرو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ حُدث: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حفرَ خَرِبة مِنْ خَرِب نَجْرَانَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَوَجَدُوا عبدَ اللَّهِ بْنَ الثَّامِرِ تَحْتَ دَفْنٍ مِنْهَا قَاعِدًا، وَاضِعًا يَدَهُ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015