وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ابْنُ فُسْحُم، وفُسْحُم أُمُّهُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ القَيْن بْنِ جَسْر، لَيْلًا فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَتَلُوهُ، فَوَقَعَتْ الْحَرْبُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ؛ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَكَانَ الظَّفَر لِلْخَزْرَجِ عَلَى الْأَوْسِ، وقُتل يَوْمئِذٍ سُوَيد بْنُ صَامِتِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ حَوْط بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأوس، قتله المُجذَّر بن زياد الْبَلَوِيُّ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، حَلِيفُ بَنِي عَوْف بْنِ الْخَزْرَجِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ خَرَجَ المجَذَّر بن زياد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ سوَيْد بْنِ صَامِتٍ، فَوَجَدَ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد غِرَّة مِنْ الْمُجَذَّرِ فَقَتَلَهُ بِأَبِيهِ. وَسَأَذْكُرُ حَدِيثَهُ فِي مَوْضِعِهِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ مَنَعَنِي مِنْ ذِكْرِهَا وَاسْتِقْصَاءِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْتُ فِي حَدِيثِ حَرْبِ دَاحِسٍ.

شِعْرُ حَكِيمِ بن أمية في نهي قومه عن عداوة الرسول: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَكِيمُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الأوْقَص السُّلَمي، حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَدْ أَسْلَمَ، يُوَرِّع1 قومَه عَمَّا أَجَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ عَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ فِيهِمْ شَرِيفًا مُطَاعًا:

هَلْ قائلٌ قولًا من الحقِّ قَاعِدٌ ... عَلَيْهِ وَهَلْ غَضْبَانُ للرشْدِ سامعُ

وَهَلْ سَيِّدٌ تَرْجُو العشيرةُ نفعَه ... لِأَقْصَى الْمَوَالِي وَالْأَقَارِبِ جامعُ

تَبَرَّأْتُ إلَّا وَجْهَ مَنْ يَمْلِكُ الصَّبَا ... وأهجرُكم مَا دَامَ مُدْلٍ وَنَازِعُ2

وأسْلم وَجْهِي للإِله وَمَنْطِقِي وَلَوْ ... رَاعَنِي مِنَ الصَّديقِ روائع

ذكر ما لقي وسول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قَوْمِهِ

سفهاء قريش يأذونه: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا اشْتَدَّ أمرُهم لِلشَّقَاءِ الَّذِي أَصَابَهُمْ فِي عَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُمْ، فأغْرَوْا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سفهاءَهم؛ فكذَّبوه وآذَوْه، وَرَمَوْهُ بالشِّعر وَالسِّحْرِ وَالْكِهَانَةِ وَالْجُنُونِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُظْهِرٌ لِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَسْتَخْفِي بِهِ، مبادٍ لَهُمْ بِمَا يَكْرَهُونَ مِنْ عَيْب دِينِهِمْ، وَاعْتِزَالِ أَوْثَانِهِمْ، وَفِرَاقِهِ إيَّاهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015