قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَوْلُهُ: لَبَابِ لَبَابِ: لا بَأْسَ لَا بَأْسَ بِلُغَةِ حِمْير. قَالَ ابْنُ هشام: ويروى: لِبابِ لِباب.

هلاك عمرو وتفرق حِمير:

قال ابن إسحاق: فلما نزل عمرو ابن تُبان الْيَمَنَ مُنع مِنْهُ النَّوْمُ، وسُلط عَلَيْهِ السَّهَرُ، فَلَمَّا جَهَدَهُ ذَلِكَ سَأَلَ الْأَطِبَّاءَ والحُزاة مِنْ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ عَمَّا بِهِ فَقَالَ لَهُ قائل منهم: إنه مَا قَتَلَ رَجُلٌ قَطُّ أَخَاهُ، أَوْ ذَا رَحمه بَغْيًا عَلَى مِثْلِ مَا قَتلت أَخَاكَ عَلَيْهِ، إلَّا ذَهَبَ نَوْمُهُ، وسُلط عَلَيْهِ السَّهَرُ، فَلَمَّا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ جَعَلَ يَقْتُلُ كُلَّ مَنْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ أَخِيهِ حَسَّانَ مِنْ أَشْرَافِ الْيَمَنِ، حَتَّى خَلَصَ إلَى ذِي رُعَيْن، فَقَالَ لَهُ ذُو رُعَيْن: إنَّ لِي عِنْدَكَ بَرَاءَةً، فَقَالَ وَمَا هِيَ؟ قَالَ: الْكِتَابُ الَّذِي دفعتُ إليك، فأخرجه فإذا الْبَيْتَانِ، فَتَرَكَهُ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ نَصَحَهُ وَهَلَكَ عَمْرٌو، فَمَرَجَ2 أمْر حِمْيَرَ عِنْدَ ذَلِكَ وَتَفَرَّقُوا.

خبر لَخنيعة وذي نواس:

فَوَثَبَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ حِمْير لَمْ يَكُنْ مِنْ بُيُوتِ الْمَمْلَكَةِ، يُقَالُ لهَ: لَخْنيعة3 يَنُوفَ ذُو شَنَاتر4، فَقَتَلَ خِيَارَهُمْ، وَعَبِثَ بِبُيُوتِ أَهْلِ الْمَمْلَكَةِ مِنْهُمْ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ حِمْيَرَ للَخْنيعة:

تُقَتِّل أبنَاها وَتَنْفِي سَراتَها ... وَتَبْنِي بِأَيْدِيهَا لَهَا الذُّلَّ حميرُ

تُدَمِّر دُنْيَاهَا بطيشِ حلومِها ... وَمَا ضَيَّعَتْ مِنْ دِينِهَا فَهْوَ أكثرُ

كَذَاكَ القرونُ قبلَ ذاك بظلمِها ... وإسرافِها تأتي الشرورَ فتخسَرُ

فسوق لخنيعة: وكان لَخْنيعة امرءًا فَاسِقًا يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَكَانَ يُرْسِلُ إلَى الْغُلَامِ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ فِي مَشْرَبة لَهُ قَدْ صَنَعَهَا لِذَلِكَ، لِئَلَّا يُمَلَّك بعدَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَطْلُع مِنْ مَشْرَبَتِهِ تِلْكَ إلَى حَرَسِهِ وَمَنْ حَضَرَ مِنْ جُنْدِهِ، قَدْ أَخَذَ مِسواكًا، فَجَعَلَهُ فِي فِيهِ، أَيْ: فيعلمهم أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهُ، حَتَّى بَعَثَ إلَى زُرْعة ذِي نُواس بْنِ تُبان أَسْعَدَ أَخِي حَسَّانَ، وَكَانَ صَبِيَّا صَغِيرًا حِينَ قُتل حَسَّانُ، ثُمَّ شَبَّ غُلَامًا جَمِيلًا وَسِيمًا ذَا هَيْئَةٍ وعقل، فلما أتاه رسوله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015