قول زيد حين يَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وحُدثت عَنْ بَعْضِ أهلِ زيدٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيل أن: أَنَّ زَيْدًا كَانَ إذَا اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ داخلَ الْمَسْجِدِ، قَالَ: لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا.
عُذتُ بما عاذ به إبراهيمْ ... مستقبلَ الْقِبْلَةَ، وَهُوَ قَائِمُ
إذْ قَالَ:
أَنْفِي لَكَ اللَّهُمَّ عَانٍ رَاغِمُ ... مَهْمَا تُجَشِّمُنِي فَإِنِّي جَاشِمُ
الْبِرَّ أَبْغِي لَا الْخَالَ ... لَيْسَ مُهَجِّرٌ كَمَنْ قَالَ1
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: الْبِرُّ أَبْقَى لَا الْخَالُ، لَيْسَ مُهَجِّرٌ كَمَنْ قَالَ. قَالَ وَقَوْلُهُ: "مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ" عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ نُفَيْلٍ:
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ... لَهُ الْأَرْضُ تَحْمِلُ صَخْرًا ثِقَالًا
دَحَاهَا فَلَمَّا رَآهَا اسْتَوَتْ عَلَى ... الْمَاءِ، أَرْسَى عَلَيْهَا الْجِبَالَا
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ... لَهُ الْمُزْنُ تَحْمِلُ عَذْبًا زُلَالًا
إذَا هِيَ سِيقَتْ إلَى بَلْدَةٍ ... أطاعت، فصبت عليها سجالًا
الخطاب يؤذي زيدًا ويحاصره: وَكَانَ الْخَطَّابُ قَدْ آذَى زَيْدًا؛ حَتَّى أَخْرَجَهُ إلَى أَعَلَى مَكَّةَ، فَنَزَلَ حِرَاءَ مقابلَ مَكَّةَ، ووكَّل بِهِ الْخَطَّابُ شَبَابًا مِنْ شَبَابِ قُريش وسفهاء من سفهائهم، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَتْرُكُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، فَكَانَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا سِرًّا مِنْهُمْ، فَإِذَا عَلِمُوا بِذَلِكَ، آذَنُوا بِهِ الْخَطَّابَ، فَأَخْرَجُوهُ، وَآذَوْهُ كراهيةَ أَنْ يُفسدَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ، وَأَنْ يُتَابِعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى فِرَاقِهِ فَقَالَ، وَهُوَ يُعَظِّمُ حُرْمَتَهُ عَلَى مَنْ استحلَّ مِنْهُ مَا اسْتَحَلَّ مِنْ قَوْمِهِ:
لَا هُمَّ إنِّي مُحرِم لَا حِلّهْ ... وَإِنَّ بَيْتِي أوسطُ المَحِلَّهْ
عِنْدَ الصَّفا لَيْسَ بذي مَضَلَّهْ