قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَسْتَفْتِحُونَ: يَسْتَنْصِرُونَ، وَيَسْتَفْتِحُونَ أَيْضًا: يَتَحَاكَمُونَ، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] .
سلَمة يذكر حديثَ الْيَهُودِيِّ الَّذِي أَنْذَرَ بِالرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي صالحُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبيد أَخِي بَنِي عَبْدِ الأشْهل عَنْ سَلَمة بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ1 -وَكَانَ سَلَمة مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ- قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الأشْهل، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وأنا يومئذ أَحْدَثِ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عليَّ بُردة لِي، مُضْطَجِعٌ فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ القيامةَ وَالْبَعْثَ والحسابَ وَالْمِيزَانَ والجنةَ وَالنَّارَ، قَالَ: فَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوَثَانٍ، لَا يرَوْن أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: ويحكَ يَا فُلَانُ!! أوَترى هَذَا كَائِنًا، أَنَّ النَّاسَ يُبْعثون بعدَ موتِهم إلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ، يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَاَلَّذِي يحلَف بِهِ، ولَوَدَّ أَنَّ لَهُ بحظِّه مِنْ تِلْكَ النَّارِ أعظمَ تَنور فِي الدَّارِ، يَحْمُونَهُ ثُمَّ يُدخلونه إيَّاهُ فَيُطَيِّنُونَهُ عَلَيْهِ، بِأَنْ ينجوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ! فَمَا آيةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى مَكَّةَ وَالْيَمَنِ- فَقَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إليَّ، وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: إنْ يَسْتنفدْ هَذَا الْغُلَامُ عمرَه يدركْه قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاَللَّهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ حيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَآمَنَّا بِهِ، وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ. وَيْحك يَا فلانُ!! ألستَ الَّذِي قلتَ لَنَا فِيهِ مَا قلتَ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ ليس به.
ابن الهيبان اليهودي يتسبب في إسْلَامُ ثَعْلَبَةَ وَأَسِيدِ ابْنَيْ سَعْيَةَ وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمر بْنِ قَتَادَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قريظة قال: قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي عمَّ كَانَ إسْلَامُ ثعلبة بن سَعْية وأسِيد بن سَعْية2 وأسد بْنِ عُبَيْدٍ نَفَرٍ مِنْ بَنِي هَدْل، إخْوَةِ