حجر الكعبة المكتوب عليه العظة: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَزَعَمَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْم أَنَّهُمْ وَجَدُوا حَجَرًا فِي الْكَعْبَةِ قَبْلَ مَبْعثِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَرْبَعِينَ سَنَةً إنْ كَانَ مَا ذُكر حَقًّا، مَكْتُوبًا فِيهِ: "مَنْ يَزْرَعْ خَيْرًا، يَحْصُدْ غِبْطَةً، وَمَنْ يَزْرَعْ شَرًّا، يَحْصُدْ نَدَامَةً، تَعْمَلُونَ السيئاتِ، وتُجزَوْن الْحَسَنَاتِ؟! أَجَلْ، كَمَا لَا يُجتنى مِنْ الشَّوْكِ العنب".

الاختلاف بين قريش في وضع الحجر: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ الْقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ جَمَعَتْ الْحِجَارَةَ لِبِنَائِهَا، كُلُّ قَبِيلَةٍ تَجْمَعُ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ بَنَوْها، حَتَّى بَلَغَ البنيانُ موضعَ الرُّكْنِ، فَاخْتَصَمُوا فِيهِ، كُلُّ قَبِيلَةٍ تُرِيدُ أَنْ ترفعَه إلَى موضعِه دُونَ الْأُخْرَى، حَتَّى تحاوروا وتحالفوا؛ وأعدُّوا للقتال.

لعقَة الدم: فقرَّبتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ جَفْنة مَمْلُوءَةً دَمًا؛ ثُمَّ تَعَاقَدُوا هُمْ وَبَنُو عَدي بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَي عَلَى الْمَوْتِ، وَأَدْخَلُوا أَيْدِيَهُمْ فِي ذَلِكَ الدَّمِ فِي تِلْكَ الجَفْنة، فسُمُّوا: لَعَقَةَ الدَّمِ، فَمَكَثَتْ قُرَيْشٌ عَلَى ذَلِكَ أربعَ ليالٍ أَوْ خَمْسًا، ثُمَّ إنَّهُمْ اجْتَمَعُوا فِي المسجدِ، وتشاوروا وتناصفوا.

أبو أمية بن المغيرة يجد حلا: فزعم بعضُ أهل الرواية: أن أَبَا أميَّة بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمر بن مخزوم، وكان عَامئذٍ أسنَّ قُرَيْشٍ كلِّها، قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ -فِيمَا تَخْتَلِفُونَ فِيهِ- أولَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ يَقْضِي بَيْنَكُمْ فيه ففعلوا.

الرسول -صلى الله عليه وسلم- يضع الحجر: فَكَانَ أولَ دَاخِلٍ عَلَيْهِمْ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأوْه قَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ، رَضِينا، هَذَا محمدٌ، فَلَمَّا انْتَهَى إلَيْهِمْ وَأَخْبَرُوهُ الخبرَ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمّ إليَّ ثَوْبًا"، فَأُتِيَ بِهِ، فَأَخَذَ الركنَ فَوَضَعَهُ فِيهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: "لِتَأْخُذَ كُلُّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنْ الثوْب، ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا"، فَفَعَلُوا: حَتَّى إذَا بَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَهُ، وَضَعَهُ هو بيده، ثم بنى عليه1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015