قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ مثلَ أثرِ المِحْجَم1.

بَحيرى يوصي أبا طالب بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الْغُلَامُ مِنْكَ؟ قَالَ: ابْنِي. قَالَ لَهُ بَحيرى: مَا هُوَ بِابْنِكَ، وَمَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْغُلَامِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا، قَالَ: فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِي، قَالَ: فَمَا فَعَلَ أَبُوهُ؟ قَالَ: مَاتَ وَأُمُّهُ حُبلى بِهِ، قَالَ: صَدَقْتَ، فَارْجِعْ بِابْنِ أَخِيكَ إلَى بَلَدِهِ، وَاحْذَرْ عَلَيْهِ يهودَ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ رأوْه، وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا عَرَفْتُ لَيَبْغُنه شَرًّا، فَإِنَّهُ كَائِنٌ لَابْنِ أَخِيكَ هَذَا شَأْنٌ عَظِيمٌ، فأسرعْ بِهِ إلى بلاده.

بعض من أهل الكتاب يريدون بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وسلم الشر:

فَخَرَجَ بِهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ سَرِيعًا، حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ حَيْنَ فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ بِالشَّامِ فَزَعَمُوا فِيمَا رَوَى النَّاسُ: أَنَّ زرَيْرًا وتَمامًا ودَريسًا -وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ- قَدْ كانوا رأوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ مَا رَآهُ بَحِيرَى فِي ذَلِكَ السَّفَرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَرَادُوهُ، فَرَدَّهُمْ عَنْهُ بَحيرى، وذكَّرهم اللَّهَ وَمَا يَجِدُونَ فِي الْكِتَابِ مِنْ ذكرِه وَصِفَتِهِ، وَأَنَّهُمْ إنْ أَجْمَعُوا لِمَا أَرَادُوا بِهِ لَمْ يَخْلُصُوا إلَيْهِ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ، حَتَّى عَرَفُوا مَا قَالَ لَهُمْ، وَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ، فَتَرَكُوهُ وَانْصَرَفُوا عنه.

محمد صلى الله عليه وسلم يشب على مكارم الأخلاق:

فَشَبَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاَللَّهُ تَعَالَى يَكْلَؤُهُ ويحفظُه وَيَحُوطُهُ مِنْ أَقْذَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، لِمَا يُرِيدُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَرِسَالَتِهِ، حتى بلغ أن كان رجلا أفضلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً، وأحسنَهم خُلقًا، وأكرمَهم حَسَبًا، وأحسنَهم جِوَارًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلمًا، وأصدقَهم حَدِيثًا، وأعظمَهم أَمَانَةً، وَأَبْعَدَهُمْ مِنْ الفُحش وَالْأَخْلَاقِ الَّتِي تدنِّس الرِّجَالَ تنزُّها وَتَكَرُّمًا، حَتَّى مَا اسْمُهُ فِي قَوْمِهِ إلَّا الْأَمِينُ، لِمَا جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ الأمورِ الصالحة.

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدث عن حفظ الله له: وَكَانَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكر لِي يحدِّث عَمَّا كَانَ اللَّهُ يَحْفَظُهُ بِهِ فِي صِغَرِهِ وَأَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِ، أَنَّهُ قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015